أشرف جبريل
من مستشفى «فوش» على مشارف باريس، أشرق شعاع أمل يبشر المولودات بلا رحم واللواتي خضعن لاستئصال الرحم، بأن حلم الإنجاب أصبح ممكناً، دون اللجوء لعمليات التأجير.. حيث شهد المستشفى مؤخراً، ولأول مرة في فرنسا، ولادة طفلة من أم خضعت قبل عام تقريباً لعملية زرع رحم.
البداية كانت في مارس 2019، عندما خضعت ديبورا، البالغة 36 عاماً، والمولودة دون رحم، لأول عملية زرع رحم في فرنسا، أجراها البروفيسور جان مارك الأيوبي رئيس قسم الطب النسائي والتوليد في مستشفى فوش بمنطقة سورين، إحدى ضواحي باريس، مستعيناً برحم وهبته لها والدتها التي كان عمرها آنذاك 57 عاماً.
واستغرقت العملية نحو 14 ساعة، قضى الأطباء معظمها في عملية استئصال الرحم من الأم المتبرعة، والتي تتطلب مهارة عالية ودقة تامة حتى يخرج الرحم في حالة تمكن الجراح من إعادة زرعه، ويلعب الروبوت دوراً رئيساً في هذه الجراحة حيث يقدم رؤية ثلاثية الأبعاد تسهّل قطع الشرايين الرفيعة.
وخلال الشهور التي أعقبت الجراحة، تابع الدكتور الأيوبي وفريقه حالة ديبورا الصحية، وأشرفوا على المراحل العلاجية اللاحقة حتى حدوث الحمل، وقدموا لها ولجنينها كل الرعاية لمدة تزيد قليلاً على 7 أشهر.
وبعد 23 شهراً من عملية الزرع، جاءت ديبورا إلى المستشفى نفسه، وبعد فحصها رأى الدكتور الأيوبي وفريقه أنه من الضروري أن تخضع لعملية ولادة قيصرية، نظراً لمعانتها من ارتفاع ضغط الدم.. ونجح الفريق في إجراء العملية، وأنجبت ديبورا طفلة وزنها 1845 جراماً، وحالتها الصحية جيدة، حملت لقب «أول طفلة في فرنسا تولد من رحم جرت زراعته»
وقال البروفيسور جان مارك، إن عملية زرع الرحم تجرى لمن وُلدن دون رحم، أو من تعرضن لاستئصاله لأسباب مرضية، موضحاً أن أدوية التثبيط التي تعطى حتى لا يرفض الجسم العضو المزروع، ليست قوية كتلك التي تعطى في حالات زرع الأعضاء الأخرى، وبالتالي لا تؤذي الحمل فيما بعد.
وأوضح أن الإنجاب من خلال الرحم المزروع ليس عملية دائمة، وذلك بسبب أدوية المناعة التي تتناولها المريضة، وهي «فقط مساعدة مؤقتة لإنجاب طفل»، لكن هذا لا يمنع أن بعض من خضعن للزرع احتفظن بالرحم المزروع وتمكن من الإنجاب مرة أخرى، لكنها حالات قليلة. وأشار إلى أن ديبورا وُلدت دون رحم، وهي حالة نادرة تصيب واحدة من كل 4500 فتاة، وقال: قمنا بزرع الرحم الذي تبرعت به والدتها في عملية بالغة الدقة، وانتظرنا عاماً كاملاً دون حمل للتأكد من أن الرحم المزروع لن يرفضه الجسم.
وأوضح أن «الجدة والأم والمولودة بصحة جيدة»، مشيراً إلى أن نجاح العملية يفتح باب الأمل لملايين المحرومات من الإنجاب بسبب استئصال الرحم، أو الولادة من دونه من الأساس.. وقال إن العالم شهد حتى الآن حوالي 20 حالة ولادة بعد عمليات زرع الرحم، وإن السنوات المقبلة سوف تشهد زيادة في هذه العمليات.