الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«جاليليو» جديد.. كيف؟!

«جاليليو» جديد.. كيف؟!
6 مارس 2021 00:05

بيكي فيريرا*

أنفقَ «آفي لوب» الكثير من الوقت مفكراً في طريقة يستكشف بها ما بين النجوم. و«لوب» عالم بارز في فيزياء الفضاء في جامعة هارفارد، ورئيس اللجنة الاستشارية لمشروع «بريكثرو ستارشوت»، الذي يستهدف إرسال مسبارات إلى أقرب نظام نجمي. ويتخيل «لوب» أنه من الممكن إطلاق أشعة ليزر قوية على أشرعة ضوئية - وهي مركبة فضائية رفيعة قريبة الشبه بالمرايا- للإسراع بعملية التصوير بين النجوم. ولذا، حين مر جسم غريب في الفضاء بين النجوم عام 2017، اعترف «لوب» بسهولة أنه مستعد لأن يعتبره ابتكاراً تكنولوجياً للكائنات الفضائية في صورة شراع ضوئي من خارج الأرض، وليس صخرة ضلت طريقها من صخور الفضاء. 
يبسط «لوب»، أستاذ العلوم بجامعة هارفارد في كتابه المعنون بـ«خارج الأرض: أول علامات الحياة الذكية في ما وراء الأرض». حجته التي مفادها أن عابراً استثنائياً يطلق عليه «أومواموا»، وهي كلمة تعني «رائد كشافة» بلغة جزر هاواي، هو من صنع كائنات فضائية ماهرة. صحيح أن هذا التفسير الغريب للجسم يمثل العمود الفقري للكتاب، لكن حجة «لوب» الأوسع تدور حول حيرته من الهجوم على فرضيته، مما يوحي بعطب الخيال وتحيز ضد الكائنات الفضائية من المجتمع العلمي. وكتب يقول: «البحث عن حياة خارج كوكب الأرض لم يكن أكثر من شيء مستغرب للغالبية العظمى من العلماء. الموضوع بالنسبة لهم، على أفضل التقديرات، يثير الاهتمام، وعلى أسوأ الظروف، محل سخرية».

والمشككون الذين ينطبق عليهم هذا الوصف يجب أن يأخذوا مأخذ الجد الدفاع المدقق عن قصة الكائنات الفضائية في الكتاب. وكي يدعم «لوب» حجته، أشار إلى خصائص لا يمكن تفسيرها لأول عابر معروف بين النجوم مثل أبعاده المتطرفة ولمعانه المحير وسرعته الكبيرة، التي تجعله يفر بعيداً عن نطاق رؤية تليسكوباتنا. والمؤيدون لفكرة أن جسم «أومواموا» من صخور الفضاء يشيرون إلى أنه شظية مستطيلة انشقت عن كواكب أو سحابة من حبيبات الغبار. ويرى «لوب» أن القصة التي تقول، إن الجسم من صنع كائنات الفضاء ليست أبعد في المنطق عن هذه التفسيرات، مع الأخذ في الاعتبار أن العلماء لم يروا من قبل شظايا من الكواكب أو سحابة بهذه الطبيعة داخل النظام الشمسي. وتكهن العلماء أيضاً بأن الإسراع المفاجئ لـ«أومواموا» في النظام الشمسي الخارجي ناتج عن نوبات الثلج المتبخر في ظاهرة تعرف باسم «انطلاق الغازات». لكن «لوب» يشير في المقابل إلى الافتقار إلى أدلة من جمع أجهزة التلسكوب عن ظاهرة «انطلاق الغازات». 
ويستخلص «لوب»- على طريقة «شارلوك هولمز» لكن فلكي، وهي يوحي بها الكتاب في مواضع كثيرة - أن «أبسط تفسير لهذه الأمور الغامضة هو أن الجسم ابتكرته حضارة ذكية ليست على هذه الأرض»، و«لوب» أقل نجاحاً في الجدل الذي أثاره، باعتباره دليلاً على تردد قصير النظر داخل الدوائر الأكاديمية للإقرار بأن البشر ربما ليسوا الكائنات الوحيدة العاقلة التي تجوب الفضاء في الكون. وعلى امتداد الكتاب، يردد مقطعاً يقول فيه: «ورغم هذا ينحرف» في وصفه لأومواموا، وفي إشارة لعبارة جاليليو التي قال فيها: «ورغم هذا تتحرك»، في إشارة الأرض بعد أن تراجع آنذاك عن إقراره بدوران الأرض حول الشمس بضغط من رجال الدين. 
ويوضح «لوب» أنه لا يعتبر نفسه جاليلو جديداً، لكنه يرى تشابهات بين منتقدي جاليليو ومنتقديه. وكتب يقول: «تذكروا رجال الدين الذين رفضوا النظر في تليسكوب جاليليو. استعلاء أو انغلاق عقول المجتمع العلمي - بحسب الوصف الذي تريد - سائد بشكل خاص وقوي حين يتعلق الأمر بالبحث عن حياة الكائنات الفضائية وخاصة الحياة الذكية. يرفض كثيرون من الباحثين مجرد النظر إلى إمكانية أن جسماً غريباً أو ظاهرة غريبة قد تكون دليلاً على حضارة متقدمة».
وجعل التقدم من البحث عن حياة الكائنات الفضائية أمراً عملياً أمام عقول علماء التجريب الصارمين مما يضعف اتهام «لوب»، بمواقف تنثل في أن «المجتمع العلمي المحافظ» ينظر إلى الحقل المعرفي باعتباره «تضييعاً للوقت». فقد أصبحت الطاقة المبذولة في البحث الناشئ عن الكائنات الفضائية تغطي على استياء المشككين. وتعرض لوب لانتقادات شديدة من الإعلام ومن أقرانه في البحث العلمي بشأن فرضيته منذ سنوات، مما غذا مخاوفه بأن التفكير الجماعي في المؤسسات يقيد نطاق التحقيق العلمي، ويترك المجتمع غير معد للتكيف إذا حدث اكتشاف في خارج الأرض.

هامش العلم
ظل البحث عن ذكاء خارج الأرض عقوداً على هامش العلم، وهذا يرجع في جانب منه إلى الافتقار النسبي للوسائل التجريبية المتاحة لاحتواء الشكوك بشأن الكائنات الفضائية في القرن العشرين. وعلى مدار العقدين الماضيين، أدى التقدم الكبير في تقنيات المراقبة والاستكشاف، وكثير منها تحدث عنها «لوب»، إلى ثورة في بيولوجيا الفضاء والبحث عن الذكاء خارج الأرض. 

احتمالات
اكتُشفت مئات الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى منذ تسعينيات القرن الماضي وبعض التليسكوبات الآن مكلفة بمهمة معرفة احتمالات إمكانية سكناها. وهناك مهمة محورية لطواف «بيرسيفيرانس» التابع للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا» الذي هبط على المريخ في فبراير الماضي، تتمثل في البحث عن أدلة على الحياة في الكوكب. 

ميكروبات الزهرة
أقامت الصين أكبر تليسكوب أحادي الطبق لمسح الفضاء للعثور على أدلة عن ذكاء خارج كوكب الأرض. وعلى الزهرة، أثار الاكتشاف المحتمل لمادة كيماوية تتعلق بالحياة احتمالات وجود ميكروبات هوائية في سماء الزهرة. وفي نظام «ألفا سنتوري» النجمي الذي يستهدفه برنامج «بريكثرو ستارشوت»، يوجد كوكب تابع يفلت من إشارات الراديو، مما أذكى تكهنات بشأن التقدم التكنولوجي للكائنات الفضائية.

..................................................
* كاتبة متخصصة في شؤون العلم مقيمة في نيويورك. 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©