الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

متحف الحرف.. مدرسة الموروث في خورفكان

المتحف يستعيد ذاكرة الماضي (الصور من المصدر)
12 مارس 2021 00:26

خولة علي (دبي)

في بيئة تراثية تشدو بعبق الماضي، وتصور مشاهد من الصناعات الحرفية التي مارسها الأجداد قديماً، لتحكي في طياتها كفاحهم ونجاحهم في إرساء دعائم ثقافة شعب وحضارته، لنطل من خلالها على موروثهم الثقافي والاجتماعي وواقعهم الاقتصادي، هذه الرحلة الغنية بمحتواها، والعريقة بأصالتها، شكلت متحف الحرف اليدوية في خورفكان، ليكون شاهداً على عطاء الأجداد وملهماً للأجيال، ومعرفاً للزوار والسياح، حول الطابع الثقافي والتاريخي، التي نسجتها تفاصيل الحرف اليدوية لتعكس التنوع البيئي التي تتسم به المنطقة، وعلى ضوئها جاءت الحرف متنوعة ومختلفة، ويضم المتحف 25 محلاً يستعرض فيه مختلف الحرف التقليدية التي زاولها الأهالي قديماً، فكل محل أو ركن منها، إنما يحكي تفاصيل حرفة ما من خلال وسائط متنوعة وشاشات تقدم شروحاً وافيه حول كل حرفة.

نقف عند عتبة متحف الحرف، فتشرع أبوابه على ممر ضيق تقع عليه، وفي خط متوازٍ الدكاكين متقابلة ومتراصة لتعيد إلى الأذهان ذاكرة الأسواق الشعبية، بأزقتها الضيقة الباعثة على الدفء وأبوابها الخشبية العتيقة، ويتدلى الفنر، الإضاءات التقليدية المثبتة على الجدران، فيما ازدانت الأسقف بأعمدة الجندل، وطعمت أروقة المكان بالزخارف والنقوش وتزينت بها المداخل والجدران، لتأخذنا الأصوات المنبعثة من الدكاكين، لتسرد لنا قصصاً وروايات دارت أحداثها بين أنامل الحرفيين وضج في أرجائها حركة الباعة والمشترين، هي رحلة إلى رحاب الماضي، التي تختزنها تفاصيل كل محل أو دكان لتكشف لنا عن براعة الأهالي قديماً.

دلالات
تشير ندى الدبل، مسؤول مشاريع ومبادرات معهد الشارقة للتراث، إلى أنه ما زالت تحظى الحرف اليدوية بمكانة خاصة، لما تحمله من دلالات في فهم ثقافة المجتمع وملامسة واقعهم الاجتماعي والاقتصادي، فكل حرفة لها أدواتها ومنهجها وتاريخها، ومهارة الأفراد في تطويرها والتعاطي معها، بما يوفر احتياجات الناس في تلك الحقبة الزمنية، ولو تبحر الزائر في كل حرفة منها، لوجدها غزيرة في فكرتها وتقنيتها وأهميتها وقيمتها عند الناس، على الرغم من رحيل الحرفيين الأوائل الذين أعطوا حرفتهم الكثير من وقتهم وجهدهم وحبهم لها، ليشكلوا بها هوية مجتمع وتاريخه، ووجود متحف يضم في أحضانه هذا التراثي، هي خطوة مهمة في صون الحرف اليدوية والتعريف بها، ورؤية جانب مهم من تاريخ وثقافة البلد أمام السياح، الذين يرغبون في رؤية الوجه الثقافي لهذا البلد.
وقالت: يعتبر السوق القديم في خورفكان واحداً من أعرق المواقع التراثية التي لعبت دوراً محورياً في حياة السكان، وأمنت لهم احتياجاتهم المعيشية، وقد بدأ السوق بسيطاً، وكان عبارة عن محال معدودة لبيع السلع والبضائع، والتي تم بناؤها من سعف النخيل، ثم تطور بناؤها إلى الطين وحجارة البحر، وسقفها من سعف النخيل.

تنوع
وأوضحت أنه تم ترميم وصيانة هذا السوق، حيث يتكون من أبرز الحرف والمهن القديمة مثل: المخزن والصايغ، بسطة السوق، الخياط، المحسن، الخباز، التراث البحري، المحاوي، النجار، بيت السوق، المالح، القهوة، الطواش، بيت الطواش، الطب الشعبي، الحداد والصفار، البرام، المدبسة، الغليون، المطوع، كما يشكل المتحف مساحة ثقافية وتراثية تضم العديد من الأقسام التي خصصت لعرض وشرح الفنون والحرف اليدوية القديمة، والجميل هو التنوع في هذه الحرف والتي تعكس مختلف البيئات البحرية والجبلية، فالمتحف يوفر على الزائر التعرف على الحرف التقليدية التي أصبحت شيئاً من الماضي، فلم يبق منها سوى أدواتها التي أصبحت قطعة من التراث، شاهدة على إبداع الإنسان ومهارته في التعاطي مع الخامات البيئة المحلية.

وقالت: وفر المتحف لزواره تجارب واقعية للحرف التقليدية، ويضم العديد من الورش والفعاليات التي ستعيد إحياء وتعليم هذه الحرف التراثية المهمة، وتم توفير شاشات تفاعلية للجمهور، تعرض نبذة بسيطة عن الحرف وبعض من صور المنتجات وأدواتها وخاماتها وفيديو تعريفي عن الحرفة أو المهنة نفسها، تكون واضحة ودقيقة للزوار. ووجود هذا المتحف سيساهم بلا شك في الحفاظ على الموروث المحلي المتمثل في الحرف التقليدية، التي كانت سائدة في الماضي، وأيضاً تعريف الأجيال بها بكل سهولة ويسر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©