الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«مشرف».. فريج بيوت الشَعر و«الليواني»

«مشرف».. فريج بيوت الشَعر و«الليواني»
13 ابريل 2021 02:27

نسرين درزي (أبوظبي)

الحديث عن حياة الفرجان يشكّل لموزة خلفان الرايحي مسؤولة قسم البدو في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في دبي، متعة خالصة، حيث تتجلى الذاكرة بأجمل محطاتها، فهي متى بدأت بروايتها عن فريج «مشرف» بدبي، حيث نشأت وترعرعت، تعود بكل جوارحها إلى تفاصيل العيش وسط «بيوت الشَعر» و«الليواني»، وتسترجع حفاوة اللمة في شهر رمضان، والتي كانت تجمع «الخطار» و«المهّال» في «البريزة»، أو على رمال «العرقوب» تحت ظلال شجرة الغاف. 

وتروي الوالدة موزة خلفان الرايحي أن «الخطّار»، هم الضيوف الذين ما أن حلّوا على الفريج حتى تنشط الحركة بين البيوت للتعاون على تحضير إفطار يكفي الجميع، ويحوّل الجلسات إلى وليمة مفتوحة، يتشارك فيها القوم كل حسب استطاعته، أما «المهّال»، فهم رجال الفريج الذين لا يأكلون إلا بعد التأكد من أن الضيوف باشروا في تناول طعامهم كنوع من التقدير وكرم الضيافة العربية، وما إن ينتقلوا لشرب القهوة على تلة رملية، يأتي دور الحريم اللاتي يجتمعن للأكل من «حلة» واحدة قبل أن ينصرفن لإعداد أصناف الحلوى، وكان أشهرها «الخبيص» و«البلاليط».

بيوت الشعر
وتستطرد الوالدة موزة خلفان في وصفها لبيوت فريج «مشرف» وسواه من فرجان البدو التي كانت تتغير بحسب الظروف المناخية، فهي في الشتاء «بيوت الشعر»، تبنى من صوف الغنم الذي يجمعه الأولون ويمدونه على شكل صفائح طولية يختلف حجمها بحسب سعة المكان وسكانه وما إذا كانوا من الوجهاء أو العامة. أما في الصيف، فتتخذ البيوت تسمية «الليواني»، ويتم تعديل أسقفها وجدرانها بحيث تُلّف بـ «الخيش» الأبيض للتخفيف من حرارة الشمس. 
وفيما شكلت البيوت محور حياة النساء لتلبية احتياجات الأسرة من الصباح حتى آخر الليل، كانت «البريزة» جلسة الرجال في ليالي رمضان كما «الحظيرة» التي يلتفون حولها في أشهر البرد، ويشعلون في وسطها «الضو»، أي النار باللهجة المحلية، وكانت كرة «المسطاع» اللعبة المفضلة للرجال، يختارونها لكسر الصمت، وبث الضحكات في الأجواء، وكذلك الأطفال الذين يلهون بـ «القبة»، وهي الكرة الذكية التي تصنعها الأمهات من «الطعان»، أي نواة التمر، بعد جمعها وتغليفها في «خيشة» مربوطة بخيط.

السخّام
وعن شكل الحياة قديماً في رمضان، حيث لم يكن الفريج الواحد يضم أكثر من 10 بيوت، تصوّر الوالدة موزة خلفان مشهدية جميلة عن روح التعاون بين النساء، بحيث يتفقن من الليل على توزيع مهام الطهي لليوم التالي، وتعد وجبة واحدة في اليوم، إما «مجبوس» أو «ثريد»، أو «عيش» أو«هريس»، وهكذا يتقاسم أهل الفريج الطبق نفسه، فيما يتم تبادل حلويات رمضان التي كان يتولى كل بيت تحضير صنف منها يومياً، ومما تسرده موزة خلفان كيف كان رجال البدو يحضرون «السخام» أي الفحم بقصد التجارة، بحيث يشعلون الحطب ويردمونه تحت الرمال ليتحول إلى قطع سوداء صغيرة. يحملونها على ظهور الجمال ويتجهون ناحية «ديرة» عند البحر لبيعه ويشتروا بثمنه الأرز والسكر والملح والقهوة والملابس، ومما تذكره الوالدة طريقة غلي الحليب الذي كان يصنع منه «السمن»، و«اليقط» أي الروب، بعد تركه لليلة كاملة، فيما يحضر «الشامي»، أي القشطة من بقايا اللبن ويؤكل مع التمر.

أشجار الغاف
فريج «مشرف» في دبي اتخذ اسمه من أشجار الغاف التي كانت تشتهر بها المنطقة المحيطة به، وقد تحول منذ سبعينيات القرن الماضي إلى حديقة غناء شاهدة على زمن الأولين.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©