السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الشرق».. محصن بإرثه وقيمه

قرية مصفوت التي تتشكل من بعض الفرجان (الصور من المصدر)
18 ابريل 2021 00:41

خولة علي (دبي)

يسافر الدكتور سيف بن عبود البدواوي، الأستاذ الجامعي السابق، في رحلة العودة إلى ذاكرة الفريج، وبالتحديد في فريج الشرق في قرية مصفوت التابعة لعجمان التي ما زالت محصنة بإرثها وقيمها، كاشفاً عن عراقتها وأصالتها وتمسكها بمفهوم الفرجان أو الحي، فأخذت مصفوت اسمها من موقعها الجغرافي، حيث تقع بين الجبال التي تحيط بها من عدة جهات، لذا كأنها مصفوتة بين الجبال، وتحكمها المودة العميقة المتبادلة بين الأهالي، والتي تعبر عن طبيعة الثقافة الاجتماعية السائدة، التي تحكمها وتسيرها، فالتآلف والتعاضد ومناصرة الأهالي لبعضهم البعض كان يهون عليهم الكثير من الأحداث والمنغصات، ويجعلهم أكثر قوة وتعاضداً وتماسكاً. 

  • سيف البدواوي (تصوير إحسان ناجي)
    سيف البدواوي (تصوير إحسان ناجي)

«سكيك»
 قال الدكتور سيف البدواوي من أهالي قرية مصفوت: الفريج كلمة تحمل في طياتها الكثير من الصور والمشاهد التي ما زالت عالقة في أذهان كل من عاشوا في الماضي، فنمط البيوت التقليدية الملتصقة في مجموعات تخترقها «سكيك» أزقة ضيقة، تتوسطها البراحة، أدى إلى نوع من الترابط والتكاتف والحياة المشتركة مع أبناء الحي من الكبار والصغار، وهذا المجتمع الصغير الذي لا يتعدى العشرة منازل كان يشكل مفهوم التواصل المجتمعي، وروح الألفة والمحبة السائدة فيما بينهم، والمشاركة فيما يقع في كل بيت من حزن أو فرح، فالذي عاصر تلك المرحلة من حياة الفرجان، يستشعر قيمتها وأهميتها. 
وأضاف: الحال يختلف نوعاً ما عن حياة المدن التي أخذها نمط الحياة العصرية، وضعف فيها مفهوم الجيرة وقيمتها، وأصبح الجار لا يعرف شيئاً عن جاره، لكن حياة القرية أو الفريج في مصفوت، ما زالت تشدوا بروح التواصل بين أبناء الفريج الواحد، فلا تقفل الأبواب التي اعتادت أن تكون دائماً في استقبال أبناء الفريج وكل ضيف، فالكل يساند بعضه البعض.

عائلة واحدة
 وأشار إلى أن الفريج الواحد قد يتشكل من عائلة واحدة ممتدة، فالكل كان يربي ويعلم ، وينصح ويرشد أبناء الفريج، وذلك حرصاً، وخوفاً عليهم من أن يسلكوا سلوكاً غير سوي، فكان أهالي الفريج مستأمنين على أبنائهم بوجود أعين تراقب وتحتوي الأبناء، فتعلموا الكثير من القيم والسنع في العلاقة مع الوالدين وكبار السن، وفنون استقبال الضيف وإكرامه، ومهابة واحترام «المطوع» الذي يلقن القرآن وعلومه، لدرجة أنه إذا سار في الطريق فيسلك البعض طريقاً آخر من باب الخوف والتقدير.

  • صورة قديمة لأحد أعراس فريج الشرق في قرية مصفوت حيث يشارك كل الأهالي الصغير منهم والكبير
    صورة قديمة لأحد أعراس فريج الشرق في قرية مصفوت حيث يشارك كل الأهالي الصغير منهم والكبير

طبيعة الحياة
ويوضح: ربما الحياة في القرية مختلفة أيضاً، فطبيعة تضاريسها الجبلية وانتشار المزارع فيها، جعلتنا أكثر التصاقاً بأشجارها ونخيلها وثمارها الشهية، وبجبالها التي كنا نلهو عليها ونتحدى بعضنا البعض، من يصل إلى قمتها أولاً، وأيضاً كانت القرية عبارة عن فرجان معدودة، وعدد سكانها بسيط وكلهم من عوائل مترابطة تجمعهم الألفة ، التي تظهر من خلال المشاهد الجميلة في الأعراس، فالكل يهب للمساعد والمشاركة والتجهيز لهذه المناسبة، وبالرغم من تدفق حياة التمدن فيها، فإن البيوت مازالت تسير على وتيرة الحياة قديماً، بتواصل أهالها وترابطهم، وجمعتهم وملتقياتهم المستمرة في كل وقت، فلم يغير إيقاع الحياة العصرية، نمط حياتهم التي توارثوها وتناقلوها بين الأجيال، فهي منبع أصالتهم وقيمهم وعاداتهم. الدكتور البدواوي وغيره من أهالي الفريج، درسوا وتدرجوا في الدراسة، من المطوعة إلى ظهور المدارس النظامية، ثم استكمال الدراسة الجامعية في أعرق الجامعات الأميركية، ولكنهم ما زالوا متشبثين بالقيم التي تربوا عليها ويربون الأبناء عليها.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©