عدد اليوم
هناء الحمادي (أبوظبي)
أصبح الأطباء والممرضون والعاملون في مجال الرعاية الصحية أبطالاً يحاربون فيروس «كورونا» ويقفون في الصفوف الأمامية في مواجهته، ومن فرط تفانيهم وعطائهم صفق لهم سكان العالم من الشرفات وفي الشوارع.
وتتعامل كوادر الرعاية الصحية بالمستشفيات مع تدفق هائل من المرضى، ويواجهون الخوف من الإصابة بالفيروس، وفي أحيان كثيرة، يواجهون وقائع مؤلمة أثناء معالجة المرضى، وخلال عام 2020 كان أبطال الخطوط الأمامية، يكافحون ويصنعون النجاح في تجاوز هذه المحنة من خلال تضحياتهم في سبيل حماية المجتمع بكل إيثار.
الممرضة شيرين البلوشي تعود بالذاكرة إلى اللحظة التي قررت فيها أن تبدأ حياتها المهنية في هذه المهمة الإنسانية، رغم أنها لم تكن تتوقع قبل ذلك أن تتطوع لخدمة المرضى والمصابين من جراء فيروس «كورونا»، شيرين لم تتوقف عن مواصلة التعلم عن بُعد، رغم الظروف التي اجتاحت العالم، وفي الوقت ذاته بادرت إلى خدمة الوطن ورد الجميل من خلال متابعة حالات الكثير من مصابي «كورونا» والمخالطين، حتى وصلت إلى 148 ساعة تطوع.
ملائكة الرحمة
التمريض يُعد من أسمى المهن وأكثرها قرباً من الاحتياجات الإنسانية في أصعب مراحل حياته؛ لذا أطلق على أصحاب هذه المهنة تعبير «ملائكة الرحمة».. حب هذا المجال دفع شيرين البلوشي للالتحاق به، باعتباره مهنة سامية ونبيلة، تقول عنها: خلال أزمة «كورونا» لم أقف مكتوفة اليدين، فبادرت بتقديم الخدمة للمرضى في المستشفيات، حيث تطوعت بمجرد معرفتي بحاجة المستشفيات إلى متطوعين في التخصصات كافة، فخدمة الوطن ورد الجميل هي الفكرة التي راودتني.
ومع كثرة الحالات التي كانت تتابعها من جراء مصابي «كورونا»، كان عدد ساعات عملها في المستشفى يقارب 12 ساعة، مرتدية الملابس الطبية، التي تساهم في عدم انتقال المرض للأطباء أو الممرضين.
تطوع
وقالت: هذه الأيام العصبية ما زالت في الذاكرة لم تبارح مخيلتي حتى هذه اللحظة، فالجميع يعمل بتعاون تام. يتطوع الجميع، ليكونوا يد العون للدكتور، وهكذا كان ملائكة الرحمة لا يتوقفون عن المساعدة ومتابعة حالات المرضى.. وقد كان دوري في أزمة «كورنا» تقديم الأدوية وإعطاء الحقن والتطعيمات المطلوبة والعناية بكل المرضى، وتقديم كل أنواع المساعدة.
أزمة «كورونا»
رغم مرارة تلك التجربة في شهر رمضان الماضي، فإني أتقدم بالشكر للجهات المختصة التي منحتني الفرصة للتطوع وخدمة المجتمع في تلك الظروف العصيبة، حيث كان عملي في رمضان الماضي يبدأ من السابعة صباحاً ويستمر لغاية السابعة مساءً، ورغم ذلك لم أتوقف عن مواصلة التعلم عن بُعد للموازنة بين الدراسة والتطوع، حتى مرت الأيام وأواصل العمل خلال رمضان الجاري.. ورغم تعدد مهامي بين مساعدة الممرضين والطاقم الطبي ودخول العمليات وتقديم المساعدة لراحة المرضى قبل راحتي، فإنني أرى أن ما قدمته قليل وأن وطني يستحق أكثر من ذلك بكثير، ويستحق أن نقدم كل ما نستطيع لنرد جزء بسيط مما قدمته لنا الإمارات .
لحظات مؤلمة
عن اللحظات المؤلمة التي مرت بها، حين كانت تحجر نفسها عند عودتها للمنزل، تذكر البلوشي: خوفي على أفراد أسرتي جعلني أحجر نفسي عن والدتي التي تعاني أمراضاً مزمنة وإخوتي الصغار؛ وكنت كل يومين أجري فحص «كورونا» للتأكد من سلامتي قبل العودة للمنزل حتى لا أنقل العدوى للأسرة، وبعد التأكد من أن النتيجة سلبية أحاول مساعدة أخواتي في أداء واجباتهن المدرسية عن بُعد وأراجع دروسي ومحاضراتي واطمئن على صحة والدتي من بعد «مترين»..
وعن الحالات التي جعلت البلوشي تشعر بالألم والأسى خلال فترة وجودها في المستشفى، حالة مصاب بالسرطان توفي أمام عينيها، بالإضافة إلى شعورها بالألم تجاه الكثير من الحالات التي تحتاج إلى الكثير من العناية والرعاية الكاملة، لكن تظل حالة المرضى من كبار السن هي الأهم بالنسبة لها، بسبب دعواتهم التي لا تنقطع، وتقول: تعرفت على العم بلال في المستشفى، في الـ69 من عُمره، لا يستطيع الحديث، ولكن تلك نظرة الرضا في عينيه ترضيني وتسعدني كثيراً حين أهتم برعايته. شيرين البلوشي تحرص دائماً، خلال وجودها عند المرضى على تقديم العناية النفسية قبل الجسدية لهم ومراعاة مشاعرهم، مع الالتزام بتقديم الأدوية أو الغذاء.
شهر العطاء
شهر رمضان للعبادة والتقرب إلى الله، لكن طبيعة عمل شيرين البلوشي تتطلب الاهتمام ورعاية المرضى، تقول: «لم نعرف طعم رمضان في العام الماضي كانت بداية جائحة «كوفيد» تتطلب منا الرعاية الكاملة للمرضى والمصابين، حيث نقضي فترات طويلة مع المرضى ونحن نرتدي الملابس والماسكات إذ يتطلب وجودنا مع المرضى الحرص دائماً والمحافظة على سلامتنا من انتقال العدوى، ومن أجل المرضى بالمستشفى، أواصل عملي بجد واجتهاد.
