الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

تعريفك للسعادة.. يحدد مستوى سعادتك!

تعريفك للسعادة.. يحدد مستوى سعادتك!
29 مايو 2021 02:00

د. شريف عرفة

كثيراً ما يربط الإنسان سعادته بامتلاك سلع فاخرة أوالحصول على خدمات باهظة التكلفة.. أو بالوصول إلى وضع مثالي بعيد المنال.. فهناك من يفترض أن السعادة لن تتحقق إلا بامتلاك بيت العمر، أو الحصول على وظيفة مثالية، أو ادخار مبلغ من المال.. في حين أن العلم الحديث له رأي مختلف قليلاً في هذا الموضوع.
بالطبع للعامل المادي تأثير في زيادة السعادة وتخفيف المعاناة بلا شك.. إلا أن هناك جانباً آخر للموضوع.. فالسعادة ظاهرة نفسية ذاتية، يكمن جزء كبير منها في وعينا وإدراكنا للأمور.. في أفكارنا ومعتقداتنا.. كما يمكننا أن نطرح سؤالاً مهماً.. هل من الصحي أن تكون السعادة هي الهدف الأوحد للإنسان؟
عن هذا الموضوع،  نحاور الباحث الهولندي جان أوت Jan Ott الباحث في مؤسسة قاعدة بيانات السعادة العالمية، المعنية بتحليل بيانات السعادة في كثيرٍ من الدول.. والذي صدرت له العديد من الأبحاث والمؤلفات حول السعادة وجودة الحياة وكيفية تنميتها.. حيث سألناه:

ما هي السعادة؟
السعادة ليست لحظات محددة في عمر الإنسان، لكنها تقييم عام لحياته ككل. وتعتمد على مدى تحقق شروط السعادة التي يضعها الإنسان لنفسه، عن قصد أو دون قصد. 
لكن المشكلة تكمن في أن بعض الناس لا يلتزمون بأي معايير أخلاقية ويكونون سعداء وفقاً لذلك. فمثلاً، يمكن أن يستند المستوى العالي من السعادة في أي مجتمع إلى أنماط حياة مثيرة للجدل، كالعلاقات التجارية والمالية غير الأخلاقية أو الصناعات التي تزيد التلوث دون رادع..  لذلك ينبغي علينا الحذر، وعلينا أن ننتقد كون السعادة هدفاً في حد ذاتها، دون إضافة معايير أخرى.. لهذا السبب يضع الباحثون شروطاً أكثر للسعادة، كالاستناد إلى الفضائل أو الأخلاق أو المعلومات الصحيحة أو المشاعر الإيجابية.. هذه المتطلبات الإضافية قد لا يلتزم بها الجميع، لكنها تضمن سعادة للفرد والمجتمع الذي يعيش فيه.

لماذا السعادة صعبة؟
كثيرٌ من الناس يضعون لأنفسهم شروطاً مستحيلة للسعادة.. أو معايير غير عقلانية أو مفرطة في الطموح.. هذه المعايير يتم غرسها فينا دون وعي أحياناً، من خلال الإعلانات التجارية ومن خلال أرباب العمل والأصدقاء والسياسيين، الذين قد تكون لديهم مصالحهم الخاصة.. يقنعونك: افعل «ما في مصلحتي» كي تكون سعيداً.. هذه المعايير يتم التلاعب بها بشكل كبير طوال الوقت ولن تبلغها أبداً.
وأحياناً تكمن المشكلة في كون هذه المعايير متناقضة.. أن يؤمن الإنسان بمجموعة من المعتقدات غير المتسقة بشأن السعادة، ما يخلق في داخله صراعاً داخلياً يحول بينه وبين الشعور بالسعادة والرضا عن حياته. كما أن السعادة تكون صعبة أيضاً إذا لم يتبنَّ الناس أي معايير على الإطلاق!

كيف نكون أكثر سعادة؟
عن طريق تغيير المعتقدات المغلوطة حول السعادة. من الصعب على الناس تغيير أفكارهم ومعتقداتهم إذا كانوا قد تبنوها وترسخت في دواخلهم دون وعي منهم.. لذا يجب أن يعي الإنسان احتياجاته الحقيقية، وينتبه لشروط السعادة التي وضعها لنفسه، ويسعى لتقييم هذه المعتقدات وتطويرها بعناية وبشكل عقلاني واقعي. يجب أن ينتقد الناس معاييرهم الخاصة، ويتخلصوا من المعايير الخيالية المفرطة في الطموح، أو غير الأخلاقية، أو المتناقضة، لاستبدالها بمعايير واقعية تحقق لهم ولمن حولهم السعادة. 
وهناك نقطة أخرى.. السعادة لا تتعلق بحدوث وضع مثالي في حياة الإنسان.. كما لا تتعلق بالتملك.. التملك يتعلق بالمال، والمبالغ التي يدفعها الناس مقابل سلع وخدمات... المال جيد، ولكنه ليس ضرورياً أو كافياً لتحقيق السعادة.. فقد تكمن السعادة في خوض تجارب حياتية متنوعة، وفي الدعم النفسي والتواصل الاجتماعي الذي يشكل مصدر سعادة أكثر من منزلك أو سيارتك. فانتبه لذلك!

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©