الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الخربقة».. موروث يقاوم الألعاب الإلكترونية

«الخربقة».. موروث يقاوم الألعاب الإلكترونية
4 يونيو 2021 01:47

ساسي جبيل (تونس)

تزخر المنظومة الاجتماعية الشعبية في تونس بكم هائل من الألعاب التي تمارس في الكثير من المناطق وفي كل الفصول، كما تستقطب هذه الألعاب العدد الكبير من مختلف الشرائح الاجتماعية، بما في ذلك الأطفال، فضلاً عن الشباب والكهول. 
وتُستخدم في هذه الألعاب وسائل بسيطة وبدائية، على الرغم من أنها تستوجب الوقت الطويل لخوضها في تنافس شديد عادة ما يفرز الفائز والمنهزم، ونذكر من هذه الألعاب «الخربقة» التي تحاكي العادات والتقاليد وتجمع بين الترويح عن النفس واللعب والثقافة الشعبية.
الخربقة «بفتح الخاء وسكون الراء وفتح الباء» لعبة تقليدية ذهنية وتسلية منتشرة في البلاد التونسية وتشبه في تركيبتها لعبة الشطرنج، لكن مربعاتها ترسم على التربة أو على الأسفلت بوساطة قطعة طباشير أو فحم، وتُلعب بأحجار ليست منحوتة ومصقولة مثل أحجار الشطرنج، فهي في الغالب حصى عادية مختلفة الألوان للتمييز بين الطرفين، أو أحجار وأغطية قوارير على سبيل المثال.

وتُسمّى الأحجار في هذه اللعبة «كلاباً»، ويقوم مبدأ اللعبة على قدرة كل لاعب على محاصرة «كلاب» الطرف الآخر إلى أن يمنعه من التحرك في المربّع، وعندما يُحاصر لاعب «كلب» منافسه، يقول له عبارة «أش كلبك مات»، الأمر الذي جذب الشبان والأطفال لمشاهدتها، وتعلم مهارتها.
ويتنافس في هذه اللعبة لاعبان أو فريقان على رقعة مربّعة من 49 خانة أو «بيت أو دار»، كما يسميها أصحاب اللعبة، على أن تحتدّ المنافسة بتحويل الأحجار حسب خبرة كل لاعب للإيقاع بخصمه ومحاصرته من كل مكان، إلى أن تتم عملية شل حركة «الكلاب» بالكامل، وهو ما يعني نهاية المنافسة وفوز أحد الطرفين.
وقال عبد الستار العمامي، وهو سبعيني العمر،  عن «الخربقة»: «نحن مدينون للأجداد الذين أورثونا هذه اللعبة التي تسلي جداً وتنمي الذاكرة وتنشطها وخاصة في مثل هذه الفترة الصعبة من الحجر الصحي الممل، وبالتالي فإنه لولا هذه اللعبة لربما متنا قلقاً وضجراً وتوتراً». وقال الشاب عادل الطرشي:«رغم التطور التكنولوجي وما شهدته من ألعاب إلكترونية متنوعة ومسلية، فإن الخربقة لعبتي المفضلة منذ كنت طفلاً، ولا تسليني لعبة غيرها، لكن هزيمتها تعتبر مرة، وتكدر صفو المزاج طوال اليوم، لذلك يجب التركيز جيداً لتحقيق الفوز»، مضيفاً أن العسر يجده حين يواجه أصحاب الخبرة والمهارة في هذه اللعبة، رغم أنه مدرس رياضيات»، ومشيراً إلى أن كبار السن هم البارعون أكثر من غيرهم، وعادة ما يتسلون بلعبة الخربقة صباحاً ومساء، باعتبار أنها لا تتطلب مجهوداً بدنياً، فضلاً عن أنهم مدمنون على هذه اللعبة التي لا ربح لهم فيها سوى بعض المرح.

أما عن الجانب التاريخي لـ «لخربقة»، فقد أكد الباحث ورئيس الجمعية التونسية للمحافظة على الألعاب والرياضات التراثية عزالدين بوزيد في بحث أعده حول هذه اللعبة، أنه وبالرغم من تجذر هذه اللعبة في تاريخ البلاد التونسية، فإنه من الصعب تحديد زمن ظهورها، مضيفاً أنه وحسب الذاكرة الجماعية لممارسي اللعبة، فإنها تعود إلى القرن السادس عشر.
وأضاف الباحث بوزيد، أن هذه اللعبة معروفة ببلدان المغرب العربي ومعظم الدول العربية، مبرزاً أنها تسمى «الخربقة» بتونس ومثلها في ليبيا، وذلك إلى جانب «السيزة» مقابل تسميتها بـ«االخريبقة» في الجزائر، في حين تسمى بالخليج العربي «السيجة» أو «الشيزة»، مؤكداً أنها لعبة قديمة يلعبها العرب بفكرة حربية يتصورونها في أذهانهم بهجوم الحجار التي هي أهم مكوناتها، ولها خططها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©