الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«البرشاويات».. شهب من الغبار والصخور

«البرشاويات».. شهب من الغبار والصخور
21 أغسطس 2021 01:03

أحمد مراد (القاهرة)

في الثاني عشر من أغسطس الجاري، كان العالم على موعد مع سقوط ما يُعرف بـ «شهب البرشاويات» التي تتساقط من السماء بشكل سنوي، وبمعدلات كبيرة تختلف من عام إلى آخر.. فما هي شهب البرشاويات؟.. ومن أين تأتي؟.. وماذا عن مصيرها وتأثيراتها على الأرض؟

ضوء في السماء
تنشأ «شهب البرشاويات» نتيجة مرور الأرض قرب حبيبات الغبار التي تخلفها جسيمات المذنبات، إذ تحدث سنوياً بواسطة مذنب يُعرف بـ «سويفت تيتل/ 109 بي»، وهو موجود في مداره منذ آلاف السنين، وتستغرق دورته حول الشمس 133 عاماً، ويمر قرب كوكب الأرض، خلال فترة محددة من السنة، ويترك حطاماً صغيراً جداً خلفه يخترق الغلاف الجوي، ويتكوّن هذا الحطام من جزيئات صغيرة تسير بسرعة عالية تصل إلى 200 ألف كم/ ساعة، ويحترق الحطام على ارتفاع أكثر من 80 كيلو متراً في الغلاف الجوي للأرض تاركاً وميضاً أو ضوءاً في السماء يستمر لعدة ثوانٍ.

وتُوصف هذه الظاهرة بأنها «غبار كوني»، حيث إنها نتاج لجزيئات من الغبار والصخور، بعضها بحجم حبات الرمل، يخلفها المذنب عند اقترابه من الشمس، وهذا الحزام له مدار حول الشمس يتقاطع مع مدار الأرض كل عام، ونتيجة لهذا التقاطع تمر الأرض بالحزام، ما يسبب احتكاك الغلاف الجوي بالغبار، ويؤدي هذا الأمر إلى ظهور ضوء ساطع يتمثل في زخات الشهب. وتسقط هذه الشهب على الأرض من خلال دورانها حول الشمس في مسار مذنبات، أو كويكبات قديمة تكون قد تركت بقاياها النيزكية في مسار دورانها حول الشمس، وحين تدخل هذه البقايا النيزكية التي يكون حجمها بحجم الحصى الصغيرة الغلاف الجوي تحترق في الطبقات العليا منه، ما يتسبب في ظهور الزخات البرشاويات.

170 شهاباًً في الساعة
يختلف معدل تساقط زخات شهب البرشاويات من وقت إلى آخر، فيمكن رصد هذه الشهب، بمعدل 1 أو 2 شهاب في كل دقيقة، ويمكن رصد من 90 إلى 100 شهاب في الساعة، ويمكن أن يتساقط عدد كبير من الشهب قد يصل إلى 170 شهاباً في الساعة الواحدة. أمّا أقل عدد يمكن رصده من الشهب فهو 15 شهاباً في الساعة، وفيما يتعلق بحجم الشهاب فيصل إلى حجم حبات الرمال التي تقدّر ما بين حجم حبة القمح وخرزة السبحة.

حامل رأس الغول
عُرفت ظاهرة «شهب البرشاويات» بهذا الاسم نسبة إلى كوكبة «برشاوس»، وهي مجموعة من النجوم تشكل شكل أو صورة «برشاوس». كما تُعرف باسم «حامل رأس الغول»، وهي منطقة فضائية تحتوي على تفاصيل عديدة لمجرات وتجمعات نجمية ونجوم مزدوجة، وتظهر على هيئة صورة تجسّد رجلاً يحمل رأس الغول.

السرعة.. 72 كم/ الثانية
تتراوح سرعة شهب البرشاويات عند دخولها الغلاف الجوي للكرة الأرضية ما بين 11 إلى 72 كيلو متراً في الثانية الواحدة، وتبدأ في الظهور على ارتفاع 100 كيلو متر من سطح الأرض، وقد يترك الشهاب خلفه ذيلاً دخانياً غالباً ما يميل لونه إلى الأخضر بسبب ذرات الأكسجين، وعادة ما يدوم الذيل الدخاني من 1 إلى 10 ثوانٍ، وقد يتجاوز دقيقتين في حالات قليلةٍ جداً.

تُرى بالعين المجردة
يمكن رؤية «زخة شهب البرشاويات» بوضوح بالعين المجردة، ولا يحتاج الإنسان إلى أي معدات خاصة لرؤيتها، حيث تظهر واضحة في سماء العالم ليلاً، غير أنّ سكان الريف يشاهدونها بشكل أوضح نتيجة قلة أضواء أعمدة الكهرباء التي تغطي الشوارع في المدن، حيث يفضل رصد هذه الظاهرة بعيداً عن أضواء المدن، وبالأخص في الأماكن الجبلية والمناطق البعيدة عن المباني المرتفعة، ويتوقف وضوح الرؤية لهذه الشهب على مدى ظلام المنطقة التي يتم الرصد منها، ولا يتطلب الأمر سوى 10 أو 20 دقيقة فقط حتى تتكيف العين مع الظلام، وتتمكن من رؤية هذه الشهب.

الذروة.. 12 أغسطس
تعد ظاهرة «شهب البرشاويات» واحدة من أكثر الظواهر الفلكية ثباتاً، حيث تشهدها سماء العالم بشكل سنوي منتظم، وهي عبارة عن زخات كثيفة من الشهب تبدأ في التساقط في منتصف يوليو من كل عام، وتبلغ ذروتها في منتصف شهر أغسطس، حيث تنشط الشهب البرشاوية في الفترة من 17 يوليو وحتى 24 أغسطس، ولكن ذروتها تكون في 12 أغسطس، ويمكن رصدها لمدة ثلاث ليال تقريباً قبل وبعد ليلة الذروة. ويعود السبب في بلوغ شهب البرشاويات ذروتها في منتصف شهر أغسطس إلى أن هذا التوقيت تخترق فيه الأرض مدار بقايا المذنب «سويفت تيتل/ 109 بي»، وهي عبارة عن نهر متصل من بقايا جزيئات المذنب تشكّل مساره، ويتراوح عرضه ما بين 90 - 150 كيلومتراً.

اصطدام قادم
اُكتشف مذنب «سويفت تيتل/ 109 بي»، الذي يُعد مصدر شهب البرشاويات في عام 1862 على أيدي عالمي الفلك الأميركيين، لويس سوي فت وهوراك توتلي، وحالياً هو بالقرب من كوكب أورانس، ويعتبر من أكبر المذنبات المعروفة، والتي لها مدار حول الشمس، وفي السنة التي يمر بها بالقرب من الأرض يتسبب في مضاعفة معدل زخات شهب البرشاويات بمقدار أربع مرات عن سابقتها.
وتشير تقديرات العلماء إلى أن المذنب يحتوي على ما يقارب من 30 ضعف الطاقة الحركية لضربة الكويكب التي قضت على الديناصورات، واستناداً إلى تفاعل قادم مع كوكب المشتري، فإن لديه فرصة واحدة من مليون للاصطدام بالأرض، ووفقاً للفيزيائي الفلكي، إيثان سيغل، فإن هذا لن يحدث حتى العام 4479، وشُوهد هذا المذنب آخر مرّة في العام 1992، وتم تعقبه منذ أكثر من 2000 سنة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©