السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

في بيئة العمل.. الرفاه ليس رفاهية!

في بيئة العمل.. الرفاه ليس رفاهية!
25 يونيو 2022 01:07

د. شريف عرفة

حين يأتي الحديث عن النجاح الوظيفي، غالباً ما تركز كتابات التنمية الذاتية على موضوعات مثل التحفيز وزيادة الدافعية، أو إدارة الوقت والضغوط، أو التخطيط وتحديد الأهداف، إلا أن هناك جانباً قد يهمله بعضهم، وهو ضرورة تنمية «الرفاه» لدى الموظفين.
تعبير «الرفاه النفسي» Psychological wellbeing قد يوحي بالرفاهية، رغم أن هذا بعيد عن المعنى المقصود تماماً.. فالرفاه هنا مصطلح يعني التمتع بستة ضروريات نفسية.. وهي:
- قبول الذات «نظرة إيجابية للنفس».
- العلاقات الإيجابية «توفر الحميمية والثقة المتبادلة..».
- الاستقلالية «القدرة على اتخاذ قرار فردي..».
- الكفاءة «القدرة على إدارة متطلبات الحياة».
- تطوير الذات «السعي للتعلم والانفتاح على التجارب الجديدة..».
- معنى للحياة «الإحساس بالهدف والمغزى..».
فما أهمية التمتع بهذه الصفات في العمل؟
وكيف نزيدها في حياتنا؟
عن هذا الموضوع حاورنا البروفيسور ماريا جواو هيتور Maria João Heitor، رئيس الجمعية البرتغالية للطب النفسي والصحة العقلية، والتي أجرت العديد من الدراسات المهمة عن الرفاه النفسي، وكيفية زيادته، وتأثيره على الحياة الشخصية وفي العمل.

- ما أهمية الرفاه النفسي؟
- إذا أشرنا إلى «الرفاه النفسي»، فنحن نتكلم عن الصحة النفسية.. ليس فقط باعتبارها غياباً للاضطراب النفسي، بل باعتبارها مرحلة أكثر تقدماً من التمتع بصحة نفسية أفضل. فزيادة «الرفاه النفسي» يساعد الإنسان في تطوير نفسه وتحقيق إنجازات في حياته.. كما أنه أمر بالغ الأهمية للوقاية من الأمراض النفسية والجسدية، إذ لا توجد صحة جسدية بدون صحة نفسية، والعكس صحيح.
الرفاه النفسي لا يؤثر على الفرد فقط، بل على المجتمع ككل في كافة قطاعاته.. فهناك تفاعل مستمر بين الفرد والمجتمع، وهو ما دعا الباحثين إلى دراسة مفهوم «الصحة العقلية في جميع السياسات -MHiAP» لفهم التأثير المتبادل لسياسات القطاعات المختلفة على الرفاه.. حيث إن تأثير الحالة النفسية للمواطنين ينعكس على أداء المجتمع ككل، وهو ما دعا الأمم المتحدة للاعتراف بمؤشر السعادة المحلية الإجمالية «GDH» كامتداد للناتج المحلي الإجمالي «GDP».

- في سياق العمل.. كيف يؤثر «رفاه» الموظفين على أداء الشركة؟
- يقضي الناس أغلب وقتهم في مكان العمل بسبب نظام العمل المعاصر، ويميل أغلب الموظفين لاعتبار بيئة العمل مرهقة ومتطلبة نفسياً. وتميل كثير من الشركات لتقييم الموظفين بعدد ساعات الحضور، إلا أن الموظف أحياناً ما يكون حاضراً جسدياً في العمل، ولكنه غير قادر على الإنجاز بكامل طاقته نتيجة لمشاكل صحية أو عقلية أو بسبب ضائقة نفسية. فإذا انخفض الرفاه النفسي خلال ذلك، فإنه يؤثر على سلوك وإنتاجية الموظفين داخل الشركة. بمعنى آخر، إذا كان الموظف في حالة نفسية جيدة، فإن هذا يحسن من أدائه لمهامه ومقاومته للضغوط ويزيد إنتاجيته.
في دراسة أجريناها على واحدة من المؤسسات الاقتصادية في البرتغال، كانت ظروف العمل هناك جيدة، لكن هذا لم يزد من إنتاجية الموظفين إلا عندما يكون «الرفاه النفسي» لديهم مرتفعاً.. وهو ما ساعدهم أيضاً في تحمل ضغوط وظيفية مختلفة وإحداث توازن أفضل بين الحياة والعمل. وهو ما يعني ضرورة الاهتمام بهذا العامل النفسي بشكل خاص.

كيف يمكن أن نزيد الرفاه أثناء العمل؟
تشير الدراسات إلى عدد من التوصيات متعددة المستويات «المحلية والإقليمية والوطنية والدولية».. منها مثلاً:
- محو الأمية الصحية: توفير برامج التوعية والتوجيه لكل من المديرين، وموظفي الصحة والسلامة المهنية، وموظفي الموارد البشرية.. لتمكينهم من فهم كيفية تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات النفسية، وتنمية الرفاه النفسي.
- مرونة العمل: اتخاذ إجراءات ملموسة تضمن التوفيق بين العمل والأسرة، ومنع الإرهاق الزائد.. وتخفيف الضغوط.. عن طريق توفير جداول وشروط أكثر مرونة.
- ملاحظة علامات الإنذار: إنشاء سبل الفحص المبكر لكشف الضغط النفسي وأعراض الإرهاق وعلاماته للتدخل في الوقت المناسب..
- يشمل كل ذلك أيضاً الموظفين الذين يعملون عن بُعد، الذين قد يعانون من مزيد من العزلة، ودعم اجتماعي أقل ومستويات عالية من التوتر.
كل هذه الاستراتيجيات ضرورية، ويمكن أن تلعب دوراً في زيادة الرفاه في المؤسسات، وبالتالي تحسن من جودة العمل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©