عدد اليوم
خولة علي (دبي)
هيأت التكنولوجيا المتقدمة في هندسة العمارة، محتوى فنياً ثرياً لمحبي تصوير النمط المعماري، حيث إن الانعكاس الذي تحدثه الطبيعة مع شكل وتصميم البناء يظهر تفاصيل هندسية بديعة وخفية لا يمكن ملاحظتها. ومن خلال الصورة نكتشف جهد المهندس المعماري وإبداعه في هندسة البناء وتصميمه، وإبراز جمالية المدن ومدى تطورها وازدهارها، وهذا ما توثقه عدسة الفنان الفوتوغرافي طارق الجابري التي تلتقط لحظات توضح مدى تمازج الأبنية الصامتة مع نبض الطبيعة، وحركة الظلال والنور التي تجعل المشهد أكثر إثارة وسحراً.
عشق طارق الجابري عالم التصوير منذ صغره، وازداد شغفه بهذه الهواية، منذ أهداه والده كاميرا لتوثيق إحدى الرحلات العائلية. بدأت رحلته مع عشق الصورة، فكان يحرص على شراء الكاميرات ومعداتها من مصروفه الخاص الذي يدخره، كي يستطيع ممارسة هوايته في التصوير بأدوات حديثة وقادرة على قراءة أفكاره ونظرته الإبداعية لكل ما يلفت نظره من جمال.
حلقة وصل
التصوير المعماري من الأنماط التصويرية التي أبدع فيها الجابري، لافتاً إلى الدور الذي يلعبه المصور كحلقة وصل ونقطة التقاء الأفكار بين المهندس المعماري والزوار، حيث يحرص على زيارة الموقع عدة مرات في محاولة لفهم طريقة تصميم وهندسة المبنى، ومعرفة أجمل الزوايا فيه خلال أوقات مختلفة من اليوم، ثم يربط هذه الزوايا وينقلها عبر الصورة بطريقة تدفع المهندس المعماري للافتخار بتصميمه، وإبهار الزائر بجمالية المبنى ودقة تفاصيله.
مساجد ومتاحف
وعن تجربته في تصوير العمارة، يقول الجابري: «بدأت في التقاط صور للمساجد ذات الطابع الهندسي المتفرد، وأيضاً تصوير المتاحف والمعالم السياحية خارج الدولة أثناء قضاء العطلات مع الأهل، ثم انتقلت إلى مرحلة تصوير مواقع متميزة في عمارتها بالدولة، والتوقف عندها ودراستها جيداً من مختلف زواياها، حيث كنت أتردد عليها بشكل مستمر، وأحاول النظر إليها بعين المهندس الذي أبدع في تصميمها، ما زاد من خبرتي في التصوير».
تحديات
وعن التحديات التي واجهته، يشير الجابري إلى أنها تكمن في عدم توافر المعلومات الكافية عن عالم التصوير، فلم تكن هناك صفحات على الإنترنت تقدم محتوى دقيقاً وشاملاً عن الصورة، فكان يضطر لشراء الكتب والمجلات المتخصصة بالتصوير أثناء زيارته للمكتبات أو معارض الكتب في الدولة. ومع انتشار الورش التعليمية الخاصة بالتصوير، نجح في الالتحاق بها، وكرّس وقته لتطوير مهاراته بالممارسة والاطلاع على خبرات الآخرين والتزود بالمعرفة، مع الإصرار على الاستمرار في ظل الدعم الذي تلقاه من المحيطين به.
جمالية الصورة
ويذكر أن مصور العمارة يواجه صعوبة في الحصول على تصاريح لممارسة هذه الهواية والتقاط صور لبعض المواقع، إلى جانب ندرة تشكل السُحب والغيوم في بعض الأحيان، أو تقلبات الطقس، ما قد يقلل من جمالية الصورة.
وللحصول على صورة ناجحة، يوضح الجابري أنه عادة ما يتطلب الأمر انتقاء الوقت والمكان المناسبين، فالفترة الزمنية لها تأثير من ناحية اتجاهات الظلال وأحجامها، إذ تلعب دوراً مهماً في التصوير، من ناحية جمالية اللقطة.
موهبة وإنجاز
يلفت طارق الجابري إلى أن التقاط الصورة البديعة، لا يعتمد فقط على جودة الكاميرا أو المعدات الحديثة، بل على الذائقة الفنية للمصور وقراءته للمشهد من حوله. ويذكر أنه حقق العديد من الإنجازات، أهمها اختيار أحد أعماله ليتصدر غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك عام 2022.
