الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: المشهور ≠ البطل!

د. شريف عرفة يكتب: المشهور ≠ البطل!
9 سبتمبر 2023 01:18

ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟
من المدهش أن تجد الإجابة متغيرة حسب العصر. في استطلاعات حديثة في أميركا وبريطانيا، أصبحت أمنية الأطفال أن يكونوا مشاهير «سوشيال ميديا» تتصدر قوائم الأمنيات. هذا ما يقوله الكاتب لاندون جونز في كتابه الممتع «أمة المشاهير: كيف تطورت أميركا إلى ثقافة المعجبين والمتابعين»، حيث يشرح حجم الضرر النفسي الذي أحدثته السوشيال ميديا في المجتمع الأميركي، وفينا نحن أيضاً باعتبارنا في هذا الأمر سواء..
قديماً كان الطفل يحلم أن يكون بطلاً، فارساً شهماً أو قائداً عظيماً أو إنساناً نبيلاً أو شهماً كريماً، فيذيع صيته بين الناس ويصبح مشهوراً. أي أن الشهرة كانت في الماضي مجرد عرض جانبي لفعل البطولة نفسه. أما اليوم، فقد أصبح «الإنفلونسر» مكافئاً موضوعياً للبطل بعد أن تم تجريد الشهرة من القيمة المؤدية لها. أصبحت مطلباً في ذاتها يمكن تحقيقه بال «سوشيال ميديا». فهناك ترى مشاهير لا لقيمة لهم ولا مهارة، ورغم ذلك تغدَق عليهم الفرص لمجرد أنهم معروفين لعدد أكبر من الناس. هذا خلل اجتماعي واضح كما ترى ولا ذنب لأحد فيه! مجرد عرض وطلب!
لكن، ما المشكلة في ذلك؟ هل هناك أي ضرر في ثقافة المعجبين والمتابعين؟
في الحقيقة، يبدو أن الخطر لا يستهان به. تظهر الأبحاث أن الأشخاص الأكثر هوساً بالمشاهير أكثر عرضة للقلق، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، والإنفاق الزائد عن الحد.. والاهتمام بالمظهر دون الجوهر.. بالإضافة إلى أن المهووسين بالإنفلونسرز هم بطبيعة الحال الأقل انخراطاً في الشأن العام، وقضايا المجتمع. سلوكيات مشاهير السوشيال ميديا يغلب عليها الأنانية، الترويج للذات والتباهي والاستعلاء والتمجيد الشخصي، على عكس صورة البطل التقليدي، حيث التواضع والتضحية والتفاني من أجل الآخرين وخدمة الصالح العام! الإنفلونسر يصور لك وجبته الغالية في المطعم الفخم، وهذا جميل.. لكن أي قيمة يمكن لشخص التطلع إليها في فعل كهذا؟
باختصار كي لا أطيل عليك.. لو كنت مسحوراً بالإنفلونسرز فاعتبرهم مجرد وسيلة تسلية أو تحفيز، لكن لا تجعلهم سبباً للمقارنات الاجتماعية التي تؤدي لانعدام الثقة في النفس.. هم ليسوا أفضل لأن عدد متابعيهم أكبر.. هذا ليس مقياساً للقيمة الشخصية، بل قد يكون العكس: مقياس للتفرغ ونشر بوستات كثيرة ترضي خوارزميات هذه المواقع، وأن هذا الشخص لا يجد شيئاً آخر يفعله في حياته العادية!
الشهرة هدف مشروع ومفيد لو قمت باستغلاله لصالحك، بأن تسعى للبطولة.. أن تركز في نموك الشخصي وتطوير مهاراتك كي تكون إنساناً أفضل. وأن تفخر بما أنجزته لا ما أنفقته.. بقيمتك كشخص لا قيمة ما تملكه..
وقتها ستكون معروفاً في مجالك، وتكون شهرتك مستحقة، لا جوفاء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©