الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شيخة الجابري تكتب: حمدة الصغيرة.. وأعمالها الكبيرة

شيخة الجابري تكتب: حمدة الصغيرة.. وأعمالها الكبيرة
29 يناير 2024 01:07

فتاة إماراتية في ربيعها الـ 23 يغيّبها الموت فجأة، فيضج المجتمع حزناً وتعاطفاً لسماع نبأ الرحيل المُبكر، تتداول محطات وحسابات كثيرة أعمالها الجليلة التي تخفى على الكثيرين ولا تخفى على الله تعالى، عمل إنساني عظيم قامت به تلك الفتاة البطلة التي حققت التفوق في ميدان الرياضة وريادة الأعمال، هذه الهوايات التي أحبتها وعلّمتها كيف تُحب الإنسان، وتصون حياته بعد أن كانت فتاة متهورة في سرعتها، كما تقول في أحد اللقاءات.
حمدة تريم، لأول وهلة تقف عند الاسم، مَن هي حمدة التي بكاها الناس ورُفعت الأيادي تضرعاً لله بأن يغفر لتلك الابتسامة الصافية الجميلة، ذاك القلب الرحيم الذي هزّه خبر وفاة امرأة في الطريق في أوغندا، فقررت بناء مستشفى يحفظ حياة النساء والأطفال، مشروع لم تنفذه دول، ولكن فتاة صغيرة تحب السيارات وتهوى ركوب الدراجات، فكّرت فيه فاشترت أرضاً وبدأت في الخطوات التأسيسية للمستشفى الذي استقبل النساء الحوامل في تلك البقعة الأفريقية التي أحبّت.
اليوم 46 طفلة، وربما أكثر، يحملن اسم أيقونة العطاء والعمل الإنساني، حمدة تريم، في تلك البقعةِ من العالم، أفريقيا التي يختبر فيها العالم المُتقدّم الأمراض والأوبئة والفيروسات، تذهب إليها حمدة لتزرع الفرحة وتُشيّد للحب والرحمة منازل ما بناها غيرها، هناك يعرفون حمدة ويسمون بناتهم باسمها تيمّناً بها ونحن لا نعرفها، لم تسلّط على أعمالها الإنسانية والخيرية كاميرات الإعلام وأضواء الاستوديوهات وحسابات بيّاعي الوهم في وسائل التواصل، أولئك الذين يركضون خلف الموضة، ويمارس بعضهم أبشع السلوكيات التي خرجت على السّنع والمذهب والذرابة التي تعرفها مجتمعاتنا في تصرفاتهم، غير خجلين من أعمارهم المتقدمة ومكانتهم كآباء وأمهات.
رحيل حمدة المُبكر يحيلني بالذكرى إلى رحيل أميرة بن كرم، وعلياء بنت غدير، بناتنا الشابات الحبيبات اللائي خطفهن الموت في أوقات لم نتوقعها، رحلنَ وتركنَ في قلوبنا غصّةٌ لم تقوَ الأيام على شفائها، ولم نكد نقترب منهُ حتى يرحل الأحبة ونروح نسحُّ الدمع، ونُغرق المآقي، ونسأل الله تعالى لهم الرحمة والغفران ولقلوبنا مزيداً من القوة على تحمل لوعة الرحيل.
رحلت حمدة الجميلة صاحبة المبادرات الإنسانية التي لا نعرفها، ولكننا تعرّفنا إليها بعد فوات الأوان، نعرف أنها من أسرة كريمة نبيلة، وعرفنا أن هذه الأسرة قد أصيبت في فلذة كبدها فيا رب اربط على قلوبهم، كما دعائي بأن تربط على قلب أمي وقلوبنا بعد رحيل أخي الحبيب، يرحلون ويتركون في أرواحنا حنيناً لا ينقطع، وشوقاً لا تسعهُ الكلمات، رحم الله حمدة وأمواتنا جميعاً وغفر لهم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©