السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«شداد الإبل».. حرفة عريقة يتعلّمها الأطفال

«شداد الإبل».. حرفة عريقة يتعلّمها الأطفال
20 مارس 2024 02:30

خولة علي (دبي) 
في منطقة دفتا الجبلية التابعة لإمارة رأس الخيمة، جلس الوالد عبدالله الظهوري في قريته التراثية، يخالجه الحنين وذكريات أيام الصبا وهو يزاول مهنته في صناعة «شداد الإبل»، التي تعلمها على يد والده وتمسك بها لليوم، ليروي عبرها مشاهد من حياة الأهالي قديماً، ويبرز قدرتهم على الاستفادة من موارد وخامات البيئة المحلية لصناعة منتجات تعينهم على الحياة. ورغم ظهور صناعات جديدة مستوردة، إلا أن القديم ما زال محافظاً على رونقه وأهميته، وزبائنه أيضاً من الذين يعرفون قيمة وأصالة هذه المنتجات. 
مفهوم الشداد 
للتعرف على ماهية حرفة «الشداد» ومدى أهميتها قديماً، يقول عبدالله الظهوري: هي عبارة عن قطعة مقوسة الشكل توضع على ظهر الجمل من الأمام والخلف وتتوسطها وسادة تسهِّل عملية الجلوس، فعمل الأولون على نسج الحبال من ليف النخيل المنتشر بكثرة في القرى الزراعية، لافتاً إلى أن «الشداد» نوعان، منها ما يستخدم للركوب، حيث يثبَّت ويُربط بإحكام فوق الإبل للجلوس، بحيث يستطيع الراكب أن يمسك بطرفه من جهة الأمام حتى لا يسقط عند نهوض الناقة، والنوع الثاني هو «شداد الرفاع» المخصص للأحمال والبضائع، ويتميز بطول ذراعيه على جانبي المطية، حتى يتم استخدامه في حمل الأمتعة أو الحطب، ونقل هذه الأحمال من مكان إلى آخر في وقت لم تكن هناك وسائل نقل سوى الإبل أو الحمير. 
تفاعل الصغار
صناعة «الشداد»، بحسب الظهوري، تبدأ منذ لحظة تحويل ليف النخيل إلى حبال، وهذه الحرفة يمارسها بعض الحرفيين المتخصصين. وبالرغم من صعوبتها ومشقتها إلا أنه شخصياً يستمتع بها ولا يزال يزاولها في قريته التراثية القريبة من منزله في دفتا، حيث يجتمع حوله الأطفال ويعلمهم قيمة هذه الحرفة وأهمية الحفاظ عليها وصونها من الاندثار، في ظل تفاعلهم معه وهو يرشدهم ويوجههم نحو كيفية صناعة «الشداد»، من نسج الحبال وحتى إنجازها والانتهاء منها. 

حرفية عالية
واستمرار الظهوري في حرفته وإنتاجه لـ «شداد الإبل»، يعود إلى كثرة الطلب عليها، لاسيما وأنه يقدم المنتج بجودة وإتقان وحرفية عالية، مؤكداً أن سعادته تكمن في جلوسه بقريته التراثية ليسترجع ذكرياته مع والده، الذي تعلم على يديه فنون هذه الحرفة التي تظل شاهدة على براعة الإنسان الإماراتي قديماً في كيفية التعاطي مع موارد البيئة البسيطة والمحدودة في ذلك الوقت. 
مسؤولية الجميع
ويؤكد الظهوري أن نقل هذه الحرف مسؤولية الجميع، وإن الحِمل الأكبر يقع على الشباب الذين يتوجب عليهم حفظها وصونها، والعمل على تطويرها من دون المساس بطابعها وجوهرها. ويقول: نحن كحرفيين نقلنا هذا التراث عن آبائنا وأجدادنا الذين حرصوا على تعليمنا الحرف التقليدية وكشف أسرارها، حتى تمكنا من احترافها، ونحن بدورنا ندعو الصغار والشباب لاكتساب فنون هذه الحرف وصونها وحمايتها من الاندثار.
نشر الموروث
يحرص عبدالله الظهوري على نقل هذا التراث وغرسه في نفوس الأجيال، من خلال مشاركاته المتواصلة في المهرجانات التراثية والمعارض المحلية التي تمنحه دافعاً لنشر الموروث. ويقول: الحرف التراثية بدأت تجذب اهتمام الشباب الذين يدركون قيمتها ويسعون إلى تقديمها بشكل يجعلها أكثر استدامة، ودورنا توجيههم ونصحهم لتطويرها من دون الإخلال بأصالتها التي تميزها بين المنتجات التي تجتاح الأسواق.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©