الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

النظام القطري يجنّد نيباليين سراً للقيام بمهام «أمنية»

النظام القطري يستغل حاجة الشباب في نيبال ودول أخرى للعمل في ظروف مجحفة والقيام بمهام مشبوهة (من المصدر)
4 ديسمبر 2020 02:20

دينا محمود (لندن)

فضيحة جديدة تفجرت في وجه النظام القطري في نيبال، بعدما ضُبطَ متلبساً بمحاولة تجنيد سرية، لعدد من مواطني هذا البلد الآسيوي، بزعم العمل في قوات الشرطة التابعة له، والتي تعاني عجزاً هائلاً.
وشكلت وزارة العمل النيبالية لجنة تضم خمسة أعضاء للتحقيق في هذه الفضيحة، التي كشفت عنها إدارة التوظيف الأجنبي الحكومية في البلاد، وهي الهيئة المشرفة على توظيف العمال النيباليين في الخارج، وذلك بعدما أكدت وجود أدلة على تورط السفارة القطرية في كاتماندو، في مخطط لاستقدام شباب، للانخراط في مهام «أمنية وشرطية».
وأشارت الإدارة إلى أن شكوكها في هذا الشأن، نجمت عن محاولة وكالات توظيف خاصة، تجاوز القواعد المعمول بها، فيما يتعلق بتوظيف المواطنين في الخارج، وهو ما دفع الشرطة إلى تنفيذ سلسلة مداهمات، شملت ثلاثاً من هذه الوكالات، وتبين خلالها وجود سيارة تابعة للسفارة القطرية في مقر إحداها. 
وكشف ذلك عن قدوم وفد حكومي قطري يختص بمسألة التوظيف إلى نيبال، دون إخطار السلطات المعنية، وهو ما أشار إلى تورط الدبلوماسيين القطريين في ما بدا «عملية سرية» لتجنيد عناصر أمنية، بالتواطؤ مع وكالات استقدام خاصة، في مسعى لتجاهل اتباع الإجراءات التي تنص عليها القوانين المحلية في هذا الشأن، وتشغيل النيباليين في قطر بشروط مجحفة، وفي مهام تحوم حولها الشبهات. 
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «كاتماندو بوست»، ندد مسؤولو الرابطة النيبالية لوكالات التوظيف في الخارج بهذه الأنشطة المشبوهة. وطالبت الرابطة، التي تشكل مظلة ينضوي تحت لوائها أكثر من 850 وكالة توظيف، باتخاذ إجراءات ضد «المتورطين في تلك الأنشطة، ممن يعمدون إلى انتهاك قوانين البلاد»، في إشارة إلى الدبلوماسيين القطريين. 
كما انتقد مسؤولون نيباليون في قطاع التوظيف في الخارج «اشتراك بعثات دبلوماسية، في أي نشاط يتجاهل القوانين القائمة في البلاد»، قائلين إن على البعثة الدبلوماسية، القطرية في هذه الحالة، احترام قانون البلد المضيف لها وقواعده. 
وكشفت المداهمات التي قامت بها السلطات النيبالية وصادرت خلالها الكثير من الوثائق، عن أن الوكالات الثلاث المتواطئة مع السلطات القطرية، تجري مقابلات توظيف تشمل مئات من الشباب، دون الحصول على إذن مسبق.
وتشتبه السلطات في أن هناك 14 وكالة أخرى، متورطة في هذه الأنشطة، ما يثير الشبهات حول الظروف التي سيعمل في ظلها الشباب النيباليون في قطر، والمهام التي سيقومون بها. 
ورغم إصرار أصحاب الوكالات الثلاث على رفض الكشف عن الوظائف التي كان يتم إجراء مقابلات بشأنها، فقد كشفت الوثائق المصادرة منها عن أن الأمر يتعلق بالعمل في مهام «شرطية» بقطر. 
وقالت مصادر نيبالية مطلعة على هذا الملف: إن المعطيات المتوافرة حالياً، تفيد بأن السلطات القطرية سعت على الأرجح، لتشكيل «رابطة متخصصة في توريد عناصر الأمن إلى الدوحة، بعيداً عن أنظار الجهات الرسمية المعنية بالتوظيف في نيبال». 
ومن جانبه، قال تيكاماني نيوبان، المتحدث بإسم إدارة التوظيف الأجنبي الحكومية لـ «كاتماندو بوست»: إن المعلومات التي جُمِعَت حتى الآن «تثير إمكانية وجود مثل هذه الرابطة بالفعل، بل وأنها تمارس عملها في الخفاء»، مؤكداً أنه لا يمكن للسلطات النيبالية استبعاد احتمال وجود تواطؤ بين السفارة القطرية ومسؤولي وكالات التوظيف المعنية.
وحاول مسؤولو السفارة الزعم بأن السيارة التي عُثِرَ عليها في إحدى وكالات التوظيف المشبوهة كانت تقل وفداً قطرياً وصل إلى نيبال لزيارة بعض الوكالات «التي أبدت اهتمامها بتشغيل نيباليين في الشرطة القطرية».
وادعى المسؤولون القطريون أن الوفد كان يجري تقييماً للإجراءات التي تتبعها هذه الوكالات لضمان أن يكون المختارون من جانب مسؤوليها «لائقين للعمل في الشرطة». 
وفي وقت سابق وقعت خلافات شديدة بين النظام القطري والسلطات النيبالية على خلفية توظيف الشرطة القطرية 179 نيبالياً في صفوفها.

خبراء سياسيون وحقوقيون: الدوحة تستغل حاجة الشباب لتجنيدهم مرتزقة في أنشطة مشبوهة
أكد محللون سياسيون وخبراء في حقوق الإنسان، أن المحاولات القطرية لتجنيد أفراد عمال من دولة نيبال الآسيوية، ما هو إلا صفحة جديدة من جرائم الدوحة في استغلال سكان الدول الفقيرة في أجنداتها السياسية، التي تشمل أعمالاً أمنية وشرطية، لافتين إلا أن الأمر ليس جديداً على الدوحة التي اعتادت على هذا الأمر لتحويل مثل هؤلاء إلى مرتزقة.
وأضاف الخبراء لـ«الاتحاد» أن استقدام الدوحة للنيباليين دون إخطار السلطات المعنية، يشير إلى تورط دبلوماسيين قطريين ومحاولتهم تجاهل اتباع الإجراءات التي تنص عليها القوانين المحلية في هذا الشأن، وتشغيل النيباليين في قطر بشروط مجحفة، ويفعلون ذلك حتى إذا تورط أحد من هؤلاء في جريمة يزعمون أنه لا يحمل الجنسية القطرية ويتملصون من القانون الدولي، إضافة لإمكانية عملهم كمرتزقة ينفذون أجنداتهم.
ومن جانبه، أكد أيمن نصري رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان في جنيف، أن ما يقوم به النظام القطري هو فصل جديد من الانتهاكات والتجاوزات في حق العمال الأجانب، والذي تم توثيقه من قبل المنظمات الحقوقية الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من خلال تقارير مدعومة بشهادات حية في عدة مناسبات انتهك فيها النظام القطري القانون الدولي والضوابط والآليات الأممية التي تحمي حقوق العمال.
وأضاف نصري لـ«الاتحاد» أن محاولة تجنيد شباب نيبالي سراً للعمل بمهام أمنية في قطر هو أسلوب متكرر ومستفز من النظام القطري لتحقيق غايات سياسية واقتصادية وأمنية غير مشروعة مستخدماً القدرات المادية المتاحة لديه والمال السياسي، وهو الأمر الذي تعودنا عليه في السنوات الأخيرة من نظام يرى أنه يستطيع شراء أي شيء بالمال دون النظر للضوابط والمبادئ الإنسانية والأدبية والأخلاقية. 
ولفت نصري إلى أن الطريقة التي أدار بها النظام القطري الملف ومحاولة استخدام الأبواب الخلفية لتجنيد هؤلاء الشباب تؤكد سوء نية واضحاً في استخدامهم، وأن المهام الموكلة لهم ستكون غير قانونية، والأمر يشبه تكوين فريق أمني لتنفيذ مهام أمنية ضد القانون والهدف منها هو بسط سيطرة النظام القطري على جميع مفاصل الدولة، مستخدمين قوة مفرطة وأساليب ملتوية وهو ما يبرر رغبة قطر في تجنيد هؤلاء الشباب، من دون إخطار الجهات الإدارية المسؤولة عن إرسال العمال للدول الأجنبية.
وأكد نصري أن النظام القطري نموذج سيئ لبعض الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان، وتسعى لاستخدام قوتها لحماية مصالحها مستغلاً صمت المجتمع الدولي تجاه الجرائم المرتكبة من قطر.
وفى السياق ذاته، قال محمد حميد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن القطريين ينظرون إليهم كعمالة رخيصة يتم استقطابها في منشآت كأس العالم، وعانوا كثيراً من الموت في ظروف العمل القاسية والمميتة والتي رصدتها تقارير دولية، محذراً من إغراء هؤلاء الشباب بالمال، وتحويلهم إلى جيش مرتزقة يتبع «النظام القطري». وأضاف حميد لـ«الاتحاد»: إن الدوحة تستغل هؤلاء البسطاء في الملفات الأمنية، ومحاولاتها القيام بذلك سراً تشير إلى إمكانية استغلالها لهؤلاء الشباب ربما في أنشطة مشبوهة، كالتعذيب أو القتل خارج إطار القانون. وأكد أن دور الدوحة مشبوه دائماً، مشيراً إلى ممارسات عدة سابقة على رأسها ما حدث من قبل من تجنيد السوريين مستغلين الأوضاع في بلادهم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©