الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بريطانيا.. الخطة الاقتصادية تطيح تراس

رئيسة الوزراء البريطانية تلقي خطاب استقالتها خارج مقر الحكومة (أ ف ب)
21 أكتوبر 2022 01:56

دينا محمود (لندن)

بعد أقل من شهر ونصف الشهر على توليها رئاسة الحكومة في بريطانيا، أعلنت ليز تراس استقالتها من منصبها، ومن زعامة حزب «المحافظين» الحاكم، إثر اتساع رقعة التمرد ضدها من جانب أعضاء حزبها في البرلمان، وتصاعد الاتهامات لها بتبني سياسات اقتصادية متخبطة، لتصبح بذلك صاحبة أقصر فترة حكم لأي رئيس للوزراء في تاريخ المملكة المتحدة.
وفي بيان مقتضب، ألقته أمس من أمام مقر الحكومة في 10 داوننج ستريت بوسط لندن، قالت تراس: «إنها أخطرت الملك تشارلز الثالث باستقالتها من زعامة الحزب الحاكم، ولكنها ستبقى على رأس الحكومة، إلى أن يتم انتخاب زعيم جديد لـ«المحافظين» خلال الأسبوع المقبل، عبر عملية اقتراع داخلية.
وأشارت تراس، في بيان متلفز لم يستمر أكثر من 3 دقائق، إلى أنها اختيرت رئيسةً للحكومة، في خضم «حالة من عدم الاستقرار واسعة النطاق، سواء على الصعيد الاقتصادي (في بريطانيا) أو في العالم»، وذلك على خلفية تدني معدلات النمو في المملكة المتحدة، وتبعات الأزمة الأوكرانية الدائرة منذ أواخر فبراير الماضي.
وأضافت، أنها أدركت أن الظروف الراهنة، لن تجعل بوسعها «إنجاز المهمة» التي كُلِفت بها من الحزب، حينما انتُخِبَت مطلع سبتمبر الماضي، لخلافة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي كان قد اضطر بدوره لإعلان استقالته منتصف العام الجاري، بضغوط من داخل حزبه، على وقع أزمات سياسية واقتصادية عدة.
وفي إشارة ضمنية إلى ما شهدته الأيام القليلة الماضية من مطالبات متصاعدة من جانب النواب المحافظين في البرلمان لها بالاستقالة، بعدما عدّلت خطتها المالية عدة مرات في غضون أسابيع، وإقالة وزير الخزانة واستقالة وزيرة الداخلية، قالت تراس: «إنها أدركت على ضوء الوضع (الحالي)» أنه ليس بمقدورها تحقيق التغييرات المنشودة، لتفتح بذلك الباب أمام اختيار رئيس وزراء سيكون الثالث للمملكة المتحدة خلال أقل من عام.
وبعد دقائق من إدلاء تراس ببيانها، سارع حزبا العمال والأحرار الديمقراطيان المعارضان، للدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما حظي بتأييد رئيسة الحكومة المحلية في اسكتلندا نيكولا ستيرجن.
وأكد زعيم حزب العمال كير ستارمر، أنه قادر على تشكيل «حكومة مستقرة» لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وتطبيق خطط من شأنها تحفيز النمو، قائلا إن حزب «المحافظين» الذي يحكم بريطانيا منذ 12 عاماً، فشل طيلة هذه السنوات و«أظهر أنه لم يعد لديه تفويض للبقاء في السلطة»، وأن الشعب البريطاني يستحق ما هو أفضل.
وانتقد ستارمر، ما أعلنته رئيسة الوزراء المستقيلة، من أن الزعيم الجديد لحزبها الذي سيقود الحكومة بالتبعية، سيُنتخب داخلياً، كما حدث معها هي نفسها، قبل أقل من 45 يوماً.
وبالرغم من أن نوابا محافظين، قالوا إنه قد يتعين دراسة خيار الدعوة لانتخابات عامة مبكرة، فإن الحزب غير مُلزم بالمضي على هذا الطريق، في ضوء تمتعه بأغلبية برلمانية مريحة، بفضل الفوز الساحق الذي حققه في انتخابات عام 2019، بعدما حصد وقتذاك 365 مقعدا من أصل 650، يتألف منها مجلس العموم.
ومن شأن ذلك جعل المعارضة بحاجة لكسب دعم غالبية نواب الحزب الحاكم في البرلمان، إذا ما أرادت الضغط لإجراء انتخابات تشريعية قبل موعدها المقرر عام 2024. ويبرر قادة المعارضة البريطانية هذه المطالبات، بالقول إن حزب «المحافظين» برمته فقد مصداقيته، وأن التاريخ السياسي البريطاني، لم يشهد اختيار رئيسيْ حكومة متتالييْن باقتراع داخلي، دون الاحتكام للناخبين. وقد استبق هَنت انطلاق المنافسة على زعامة الحزب الحاكم، بإعلان عدم اعتزامه خوض غمارها، وذلك في وقت أفادت فيه وسائل إعلام بريطانية، بأن رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، الذي سلم منصبه لتراس في السادس من سبتمبر الماضي، ربما يعتزم العودة إلى المشهد السياسي، من بوابة الترشح لقيادة «المحافظين».
ومن بين الشخصيات الأخرى المطروحة على هذا الصعيد ساسة محافظون سبق لهم محاولة انتزاع زعامة الحزب في الانتخابات الداخلية التي أعقبت إعلان جونسون نفسه تنحيه عن منصبه في يوليو الماضي، مثل بيني موردنت وزيرة التجارة السابقة والزعيمة الحالية للأغلبية المحافظة في مجلس العموم، ووزير الدفاع الحالي بِن والاس، بجانب وزير الخزانة السابق ريتشي سوناك، الذي تغلبت عليه تراس بصعوبة، في الاقتراع الداخلي الأخير، لتحصل على قيادة «المحافظين» ورئاسة الحكومة.
وبالرغم من أجواء الاضطراب السياسي التي أشاعتها استقالة تراس، شهدت الأسواق المالية في بريطانيا ردود فعل إيجابية على هذه الخطوة، حيث سجلت قيمة الجنيه الإسترليني ارتفاعاً طفيفاً أمام الدولار الأميركي، بعدما كانت قد تدنت إلى أقل مستوياتها قبل أسابيع، إثر إعلان رئيس الحكومة المستقيلة خطة «الميزانية المُصغرة» التي تضمنت إعفاءات ضريبية بهدف مواجهة معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة في الوقت الحاضر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©