فيروس كورونا المستجد وما صنعه وسيصنعه في العالم مستقبلاً يشكل أزمةً دوليةً وإنسانية خطيرة ومهمةً لا بدافع الخوف والهلع بل بدافع التأمل والقراءة ومحاولة الفهم والاستيعاب استعداداً للمستقبل.
يفتش العالم بكل قدراته الإنسانية والعلمية والعملية والمادية عن حل مخلّصٍ من هذا الوباء وهذه الجائحة، ومشكلة الجميع اليوم هي الاستعجال، فالكل يريد حلاً وعلاجاً ولقاحاً لفيروس كورونا ليس اليوم ولكن بالأمس إن أمكن، والكل يريد أن يجد ذلك الحل بنفسه لحماية شعبه وتأمين دولته وضمان استمرار نجاحه الاقتصادي وحجم مبيعات ذلك الحل وما يمكن أن يقدمه للعالم مستقبلاً.
هل صحيح أن نستمر في الحجر الصحي والعزل ومنع التجول أم أن الأفضل هو أن نتجاهل الوباء بشكل كاملٍ ونستمر في رعاية الاقتصاد والتطور البشري وكأن شيئاً لم يكن؟ واضح أن هذين الحلين غير نافعين بشكل مطلق بل هما حلان وقتيان، فلا استمرار الحجر إلى ما لا نهاية مُجدٍ ولا تجاهل الفيروس وتأثيراته المثبتة بشكل قاطعٍ مفيدٍ، فإذا كان الأمر كذلك فما هو الحل؟
الحل يكمن فيما يمكن تسميته «المعادلة الصعبة»، التي يراد بها الحلٌ السهل الناجع والمفيد والخالي من أي عيوبٍ أو تأثيراتٍ جانبية مضرةٍ، والمشكلة تكمن أن هذا الحل غير موجودٍ وبالتالي فالمعادلة الصعبة تبدو شبه مستحيلة حتى الآن.
المعادلة الصعبة تحتاج عناصر متعددة، منها، إيجاد حلٍ سريعٍ لحماية حياة الناس وصحتهم، والتي استقر في العقود الأخيرة من حياة البشرية أنها إحدى مسئوليات الدولة الحديثة كما تحتاج الدولة إلى فرض الإجراءات الضرورية التي تحقق هذه الحماية، وإن شكلت ضغطاً كبيراً على نفسيات الناس وعاداتهم وطبيعتهم وإن بالقوة إن استدعى الأمر.
كذلك استيعاب أنه مع استحالة هذه الحلول أو تأخرها فيجب استيعاب ما يمكن أن تخلقه من مشكلات لا تقل أهمية ربما وبالذات على المدى القصير، كمشكلات طول الاجتماع المغلق على العائلات والأقارب، ومستوى التفكك الاجتماعي الذي يمكن أن يخلقه الحجر أو العزل وتبعات ذلك التي قد تطول آثارها في المستقبل.
كيف يمكن تحجيم الفيروس وفي الوقت نفسه منع الاقتصاد من الانهيار والمؤسسات والمجتمع من الانغلاق الكامل؟ لا يوجد حلٌ بعد لهذه المعادلة الصعبة ولكن يجب التفكير العميق والواسع من شتى الفئات وبالذات اللجان المتخصصة حول العالم لتجريب العديد من الحلول حتى الوصول إلى أفضلها علّ وعسى أن يكون حل كهذا موجوداً ينتظر الاكتشاف أو ممكناً ينتظر الخلق.
لا يستطيع العالم أن يعيش مغلقاً ومحجوراً ومعزولاً إلى ما لا نهاية ولكنه في الآن ذاته لا يستطيع العودة لممارسة الحياة الطبيعية وفيروس كورونا المستجد على الأبواب مستعدٌ كامل الاستعداد لحصد أرواح البشر بغض النظر عن أعمارهم وصحتهم ومكانتهم بكل ما يمتلكه من سرعة انتشار وفداحةً في خسائر الأرواح.
الواجب هو الحذر الشديد من هذا الفيروس وإيجاد طريقةٍ تخفف من مخاطره وانتشاره كما توصي كل المؤسسات المتخصصة باستمرار التعقيم والنظافة واستخدام الكمامات عند الخروج لأماكن مختلطة حتى تتكشف طرقٌ أسهل للوقاية أو دواء يشفي من الفيروس أو لقاح ينهي خطورته على البشر، ولكن بانتظار هذه الحلول الناجحة والنهائية فيجب اكتشاف أي طريقةٍ تخفف من معاناة الناس.
أخيراً، فثمة مبشرات على إيجاد علاجٍ يداوي هذا الفيروس، والأنباء تأتي من شيكاغو الأميركية ومن أستراليا وفرنسا وغيرها من الدول، ولكن شيئاً من هذه الأدوية لم يثبت علمياً أنه الدواء الناجع بعد، ومن المهم أن تجد مؤسسات ترخيص الأدوية طريقةٍ لتسريع عمليات إقرار الأدوية، وإنْ في هذا الظرف الخانق على الأقل.
*كاتب سعودي