منذ أن اعتمد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، في عام 2015، السياسة العليا في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، دخلت دولة الإمارات عهداً جديداً في مجال توطين التكنولوجيا وتطويعها لخدمة أهدافها وتطلعاتها، وتشجيع الإنسان الذي يعيش على أرضها، مواطناً كان أم مقيماً، على تنمية ملكاته الفطرية والمكتسبة ومهاراته ومعارفه للإسهام في مسيرة النهضة والتطور التي تشهدها الدولة في المجالات كافّة، وكذلك دعم قدرة المؤسسات، حكوميةً وخاصةً، على الارتقاء بخدماتها وتطوير مناهج وآليات عملها، بما حقق لها الكفاءة في الأداء والتميز في العطاء.
هذه السياسة، وهذا النهج لم يأتِ من فراغ ولا من باب الترف، بل لأنه ضرورة من ضرورات البقاء والقدرة على المنافسة في عالم بات يتغير تقنياً في كل لحظة، وتظهر في أنحائه المختلفة اكتشافات واختراعات وابتكارات جديدة لم تكن حتى عهد قريب تخطر على بال أحد، ما يعني أنه على كل منخرط في المنافسة العالمية أن يسابق الزمن ويضاعف الطاقات ويوجّه الإمكانات المتاحة لديه ليتمكن من البقاء في مضمار السباق، والتقدم فيه إلى مراكز أفضل، ويضمن عدم تحوله إلى مقاعد المتفرجين والهامشيين.
ولأن دولة الإمارات بقيادتها الرشيدة وشعبها الطموح لا تقبل إلا بالمراكز الأولى ولا يرضيها إلا الرقم واحد، ولأنها وضعت لنفسها هدفاً لا حياد عنه بأن تصبح واحدة من أفضل دول العالم عندما تحتفل العام المقبل «2021» بيوبيلها الذهبي الذي يوافق ذكرى مرور 50 عاماً على تأسيسها، فقد خاضت التحدي بروح العزيمة والإصرار، ولم تقبل إلا أن تكون في مقدّمة الركب، وأن تنتقل إلى عصر جديد يضعها في مصاف دول العالم الأكثر رقيّاً وتقدّماً من خلال التركيز على الإنسان وتكوينه الفكري والعقلي والاستثمار في تطوير القوى البشريّة المواطنة، وإرساء بنية تحتية تركّز على تمكينها من امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا عبر التعليم النوعيّ والمتطوّر والمعاصر والتدريب المبني على انتهاج البحث العلميّ الذي يطوّر مهاراته ويرتقي بقدراته ويمكّنه من الولوج إلى العصر التقني بسهولة وبشكل فاعل ومؤثّر، وبحيث أصبحت في غضون سنوات لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة، أيقونة عالميّة في مجال الإبداع والابتكار، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في مجالات الحياة كافّة.
وعندما تشارك دولة الإمارات العالم احتفاله باليوم العالمي للإبداع والابتكار الذي يصادف 21 أبريل من كل عام، فإنها تؤكّد انسجامها مع رؤاه وتطلعاته نحو حاضر مزدهر ومستقبل أفضل، تتعزز فيه جودة حياة الإنسان، وتتوافر فيه الممكنات كافة التي تجعلها أكثر سهولة وسعادة، وتؤكّد أيضاً حقيقة تحوّلها إلى مركز عالمي في مجال التكنولوجيا والابتكار، وهو ما تؤكّده المشاريع والمبادرات التي تتبناها والمنجزات التي تحققها كل يوم في المجالات العلمية والتقنية والخدمية.
تؤمن دولة الإمارات بأنه لا حدود للتطور ولا حواجز أمام الطاقات الخلاقة والعقول المتوهجة، ولذلك سعت إلى تدعيم وتعزيز سياستها للابتكار باستراتيجية للذكاء الاصطناعي أطلقتها منذ عام 2017 لتفتح من خلالها آفاقاً جديدةً للاستثمار في التكنولوجيا المتطوّرة والاستفادة منها بما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، وهو ما أضاف أبعاداً جديدة لنهجها في استشراف المستقبل والتخطيط بعيد المدى، وفتح مجالاً آخر للإبداع والابتكار القائم على دمج أدوات وأجهزة الذكاء الاصطناعي في المجالات الإنتاجية والتصنيعية والخدميّة، وبما يفتح المجال أمام جعل الآلات الذكيّة جزءاً من دورة العمل والإنتاج.
في الإمارات أيضاً شهر للابتكار تحتفل به في فبراير من كل عام، وتشارك في فعالياته المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع، وهو ما يعني أنّ الابتكار والإبداع قد تحوّل بفضل توجيهات قيادتنا الحكيمة ومبادرات حكومتنا الرشيدة إلى ثقافة حياة يومية، وأنّ الإمارات ماضية بثقة نحو أهدافها التنموية ومستقبلها المشرق، معتمدةً على مواهب فريدة وعقول مبدعة ومخلصة ومصممة على تحقيق التطلعات الطموحة للوطن بأن يظلّ رأسه مرفوعاً ورايته عالية على الدوام.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.