قبل أسابيع استقبلت عاصمتنا المضاءة في قلوبنا رمضان، بتزيين شوارعها وضواحيها احتفاء بقدومه، وذلك من خلال 3200 لوحة مضيئة، مستوحاة من الثقافة والفن المعماري الإسلامي ومن تراث الإمارات.
هذا وقد امتدت إضاءتها في الأزمات، لتظهر معادن الدول التي تضيئ بمواقفها أرجاء الكون، وتعبرُ بها الآفاق والآماد البعيدة من دون كلل ولا ملل.
فأزمة «كورونا» كشفت بوضوح مضامين رسائل العلاقات البينية بين الدول في هذه الأوقات، التي تبرز فيها الإنسانية على حقيقتها بعيدة عن المصالح السياسية.
ومن هذا المنطلق، قامت أبوظبي بإضاءة أبرز معالمها الأيقونية بألوان العلم السويسري، في استحابة تضامنية مع حملة أطلقتها هيئة السياحة السويسرية، بإضاءة علم دولة الإمارات على قمة جبل «ماترهون» الشهير ضمن سلسلة جبال الألب، في إشارة إلى الأمل والامتنان للجهود المبذولة للتغلب على فيروس «كورونا».
وكبادرة دعم متبادلة، سيتم عرض العلم السويسري على عدد من المعالم البارزة في أبوظبي ودبي في الأيام المقبلة، من بينها برج خليفة ومبنى أدنوك ومبنى سوق أبوظبي العالمي وقصر الإمارات وجامعة خليفة وجسر الشيخ زايد.
من ضوء المدن إلى ضياء الصدقة التي تُطفئ غضب الرب، وفي شهر الصوم حيث إطعام الناس طريق لدخول الجنة بسلام، ومراعاة لهذا النهج الرباني، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حملة خاصة في هذا الإطار، عندما قال سموه: «وجهنا بإطلاق حملة لتوفير 10 ملايين وجبة»، أو ما يعادلها من طرود غذائية خلال الشهر الفضيل، للأفراد وللأسر المتعففة..إطعام الطعام هي أولوية إنسانية ومجتمعية، تفرضها ظروف أكبر أزمة يمر بها العالم من حولنا، أزمة أظهرت معدن دولتنا الأصيل وروح الخير المتجذرة في المجتمع، لن يمرض أحد، ولن يحتاج أحد، ولن يجوع أحد على أرض الإمارات، دون أن يهتم به الجميع».
وتأتي هذه المبادرات ضمن استراتيجية الإطعام المستدام، وجزء مهم من سياسة الأمن الغذائي للدولة، وهو ما كشف عنه مدير عام بلدية دبي نائب رئيس مجلس أمناء «بنك الإمارات للطعام» في فبراير 2019، عن افتتاح ثلاثة مواقع جديدة للبنك في أبوظبي وعجمان ورأس الخيمة حتى 2020، ليصبح العدد الإجمالي 6 مواقع، بما فيها المواقع الثلاثة الحالية في دبي لتغطية جميع أنحاء الدولة.
والأمر لن يتوقف عند الإمارات، حيث وافقت دول مجلس التعاون الخلیجي، على اقتراح دولة الكویت بإنشاء شبكة أمن غذائیة متكاملة خلیجیة موحدة، لتحقیق الأمن الغذائي النسبي لدول المنظومة بتكلیف الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة بالدراسة الفنیة، وضوء الإمارات سطع كذلك على شريحة «أصحاب الهمم»، من خلال مؤسسة «زايد العليا لأصحاب الهمم»، التي أطلقت حملة «صحتك تهمنا» بلغة الإشارة، بالتعاون مع «جمعية الإمارات للصم» و«أبوظبي للصحة العامة» للتوعية بشأن «كورونا».. وقد نالت هذه الشريحة المجتمعية شرف تغيير مسمياتها، من خانة الإعاقة إلى مصاف أصحاب الهمم العالية.
ولقد كانت للعمالة الوافدة قسمة نيرة من العناية بهم في وقت الشدة، فقد أعلنت دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، أنه قررت توفير عيادات في منطقة مصفح لإجراء فحوصات «كورونا» مجاناً للعمالة الوافدة، استكمالاً لسلسلة الإجراءات الاحترازية لتوفير أقصى درجات الوقاية والحماية لجميع أطياف المجتمع.
فالإمارات لن تتخلى عن أي إنسان يستظل بظلها، فالعين الساهرة للقيادة ترعاها كما ترعى مواطنيها ومقيميها الذين ساوتهم القيادة بأهلها.

*كاتب إماراتي