منذ أن أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بإنشاء وكالة الإمارات للفضاء، في عام 2014، دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل رسمي السباق العالمي في استكشاف الفضاء، وبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، سُمي «مسبار الأمل»، الذي تم تحديد موعد إطلاقه في يوليو من العام الجاري، وسيصل إلى الكوكب بحلول عام 2021، تزامناً مع ذكرى مرور خمسين عاماً على قيام دولة الاتحاد، الأمر الذي أهّل الدولة لأن تصبح واحدة من بين تسع دول فقط تطمح لاستكشاف الكوكب الأحمر.
البشرى جاءت يوم، أول من أمس السبت، حين قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «برغم ظروف توقف السفر عالمياً، وبرغم الاحترازات الصحية العالمية، ما زال مهندسونا يعملون وفق الجدول المعتمد لإنجاز أهم مشروع علمي فضائي في منطقتنا، تم تطوير المسبار في أقل من المدة المعتادة عالمياً (ست سنوات فقط من عشر)، وبنصف التكلفة، والهدف إطلاقه في يوليو وفق الجدول المعتمد»، مضيفاً سموه: «بحمد الله تم إنجاز إحدى أهم المراحل النهائية لإطلاق أول مسبار عربي إسلامي للمريخ عبر نقله من مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي إلى محطة الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما باليابان تحت إشراف فريق من مهندسينا الإماراتيين في عملية استغرقت 83 ساعة من العمل المتواصل.. مسبار الأمل للمريخ قريباً».
هذه البشائر تؤكد أن دولة الإمارات ماضية قُدماً في تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية، وأن لا شيء بإمكانه أن يحدّ من طموحاتها نحو الريادة، وخاصة في القطاعات التي تعزز من مكانتها العالمية وتقدّم الفائدة للبشرية، برغم ما يعصف بالعالم من تحديات وظروف، فكما قال سموه: «مسبار الأمل هو إنجاز يمثل نقطة تحول للعالمين العربي والإسلامي في مجال الفضاء.. الوصول للمريخ لم يكن هدفه علمياً فقط.. بل هدفه أن نرسل رسالة للجيل الجديد في عالمنا العربي بأننا قادرون.. وبأن لا شيء مستحيل.. وبأن قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء».
لقد تمكنت دولة الإمارات بالفعل من تحقيق طموحاتها بالوصول إلى الفضاء أولاً بأول، فعدا عن الأقمار الصناعية التي أطلقتها، فإنه في سبتمبر الماضي، حقق الإماراتي هزاع المنصوري، وبدعم كبير من قيادة الدولة الرشيدة، إنجازاً تاريخياً بعد أن أصبح أول إماراتي يصل إلى الفضاء، من خلال مشاركته في مهمة في محطة الفضاء الدولية، ليؤكد ذلك كله أن قطاع الفضاء الإماراتي يسجل علامة إيجابية وفارقة في السباق الفضائي العالمي، وأن مواطنات ومواطني دولة الإمارات قادرون على تعزيز مشاركاتهم العلمية الفاعلة في هذا السباق، بعد أن اكتسبوا المعارف والخبرات والمهارات اللازمة في مجال الفضاء، التي تعود بالنفع الكبير على البشرية، وتؤسس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة والابتكار.
إن الارتقاء بمكانة دولة الإمارات على الصعد كافة لم يعد مجرد خطط وبرامج، إنما تحوّل ذلك إلى سباق حقيقي على الأرض وفي الفضاء، كلها تحققت، وما زالت تتحقق، بفضل الجهود الجبارة التي بُذِلت في شتى المجالات، وتحديداً في مجال الاكتشافات العلمية وإقامة الشراكات الدولية التي تعزز من تلك المكانة، وذلك من دون أن تغفل دولة الإمارات رسالتها الإنسانية وطاقتها الإيجابية في هذه المرحلة التي تعصف بالعالم، جرّاء تفشي وباء كورونا، والتي تقول إن المضي نحو الأمام لا بد له أن يستمر، وأن التحديات مهما كبرت فإنها تصغر أمام الطموحات، فمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مستمر بهمة شابات وشباب الوطن الذين تفانوا بعملهم، لأنهم وجدوا قيادة ملهمة عملت على تحفيزهم ودعمهم على الدوام.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.