«إن النظام العالمي الجديد الذي نعيش في ظله يحتم علينا أن نعي ما يدور من حولنا ونبني أنفسنا لمواجهة أي طارئ قد يداهمنا بغض النظر عن مصدره وأهدافه»، تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي. هذه المقولة وضعت أسس إدارة الطوارئ والأزمات والطوارئ في الدولة. فالإمارات التي انضمت للأسرة الدولية بعد تأسيسها عام 1971 سرعان ما أخذت قيادتها تعمل في صمت لبناء وتطوير دولة تقوم على أحدث المعايير العالمية وكانت المحصلة نتيجتين على قدر كبير من الأهمية.
النتيجة الأولى تتمثل في تقدم الدولة، وفي زمن قياسي، إلى مراكز متقدمة على مستوى العالم حسب تقرير التنافسية العالمية. فقد أصبحت الدولة عام 2019 في المرتبة الـ25 عالمياً والأولى عربياً لتحتل المراتب الأولى عالمياً في عدد كبير من المحاور الرئيسية والفرعية. فقد صعدت الدولة إلى المركز الأول عالمياً في محور «كفاءة الأعمال» والمركز الثاني عالمياً في محور «الكفاءة الحكومية»، بجانب تحقيق المراكز الخمسة الأولى عالمياً في عدد من المحاور الفرعية مثل المركز الأول في «الممارسات الإدارية» والمركز الثاني عالمياً في كل من «التجارة الدولية» و«البنية التحتية» و«أسواق العمالة»، والمركز الثالث عالمياً في «التمويل الحكومي» و«السياسات الضريبية‏‭«‬.
أما النتيجة الثانية للتطور الذي حدث في الإمارات بانضمامها للنظام العالمي كانت ضرورة حماية مكتسبات وإنجازات الدولة ضد مختلف التحديات والأزمات التي قد تواجهها وتؤثر على مسيرة التنمية. وبالتالي كانت رؤية القيادة في تهيئة أجهزة الدولة لمواجهة الطوارئ والأزمات والتي تم تتويجها عام 2007 بإنشاء «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث»، وذلك بمثابة الداعم الأكبر لحماية خطط وبرامج التنمية والتقدم على المستوى الوطني والمحلي. وقد عملت الهيئة منذ تأسيسها على تنسيق جهود وبرامج كافة مؤسسات الدولة لتقييم المخاطر التي قد تهدد الإنجازات على المستوى الوطني والعالمي، بالتوازي مع إعداد خطط الاستجابة الوطنية لكافة المخاطر المتوقع حدوثها. كما عملت الهيئة جنبا إلى جنب مع كافة أجهزة الدولة الاتحادية والمحلية على وضع وتنفيذ برامج التدريب التخصصية في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث ثم إجراء التمارين الشاملة للتأكد من صحة ودقة خطط الاستجابة وتدريب الجهات المعنية على أدوارها وقت حدوث الطوارئ والأزمات وتحديداً الجهة القيادية والجهات المساندة.
والأمر الذي يدعو للفخر، وقد شهدت شخصياً عليه، هو أن من قام بتحديد المخاطر والاستعداد لمواجهتها من خلال وضع خطط الاستجابة الوطنية هم نخبة من المواطنين ذوي الكفاءة والمهارات والخبرات التخصصية عملوا في صمت وشجاعة منذ عام 2007 يدفعهم حب الوطن والانتماء لقيادته والرغبة القوية في حماية جميع المواطنين والمقيمين ومنشآت الدولة من مختلف الطوارئ والأزمات والكوارث. وكانت المحصلة ما نشهده من تميز في مواجهة وباء كورونا المستحدث – كوفيدـ 19 حيث جاءت جميع خطوات تلك المواجهة نتيجة مراحل الاستعداد المبكر والشامل لسنوات طويلة شملت دراسة وتحليل الدروس المستفادة من مواجهة الدولة لوباء أنفلونزا الخنازير إتش 1 إن 1 عام 2009، وتلاه مواجهة فيروس MERS (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) عام، 2014 لتأتي خطة الاستعداد لمواجهة الوباء الحالي من أفضل خطط الدول التي أصابها الفيروس لتتأكد مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي قال: «نحن اتخذنا إجراءات مبكرة عقلانية ومتقدمة وسباقة للعديد من الدول من حولنا للتصدي لهذا الوباء».
*باحث إماراتي