بادرت المؤسسات الاتحادية في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تطبيق نظام «العمل عن بُعد» في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، وكانت البداية حين أعلنت الحكومة تفعيل هذا النظام لبعض الفئات من الموظفين في الجهات الاتحادية لمدة أسبوعين، ابتداءً من «الأحد 15 إلى 26 مارس»، وأعلنت الحكومة حينها أنها فترة قابلة للتجديد، وهو ما تم فعلاً في ظل استمرار هذه الظروف. وقد شملت هذه الفئات كلاً من الموظفات الحوامل، والأمهات اللاتي يعِلن أطفالاً من الصف التاسع فما دون، ولا تتطلب مهامهن الوظيفية ضرورة وجودهن في مقر العمل، وأصحاب الهمم، والمصابين بأمراض مزمنة وحالات ضعف المناعة وأعراض تنفسية، إضافة إلى الموظفين من الفئة العمرية التي تتجاوز 60 عاماً.
والحاصل أن تطبيق المؤسسات الاتحادية لنظام «العمل عن بُعد»، جاء في إطار الإجراءات التي تتبعها حكومة الإمارات للوقاية من فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) والحفاظ على سلامة المجتمع وصحته، وبما يدعم استمرار انسيابية العمل وكفاءته في مختلف الجهات والقطاعات، وبالاعتماد على البنية التحتية التكنولوجية في الحكومة الاتحادية، والمدعومة بالتقنيات والتكنولوجيا ذات المواصفات العالمية. ومما لا شك فيه أن امتلاك دولة الإمارات بنية تكنولوجية راسخة ساعد في تطبيق نظام «العمل عن بُعد»، بكل سلاسة ويسر، الأمر الذي دفع الحكومة وشجعها على التوسع في تطبيق هذا النظام.
فمع نهاية شهر مارس الماضي، أعلنت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية تفعيل نظام «العمل عن بُعد» ليشمل جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية، اعتباراً من يوم الأحد الموافق 29 مارس 2020، ولمدة أسبوعين قابلة للمراجعة والتقييم، بحيث لا تزيد نسبة العاملين الذين يتطلب عملهم الحضور في أماكن العمل على 30% من مجموع العاملين في المنشأة، بالتوازي مع تطبيق نظام العمل عن بُعد للعاملين الذين لا تتطلب مهامهم الوظيفية الحضور إلى مقر العمل. واستثنت الهيئة عدداً من القطاعات الحيوية، التي تشمل قطاع الطاقة، وقطاع الاتصالات، وقطاع الصحة، وقطاع التعليم، وقطاع الأمن، وقطاع الشرطة، والقطاع العسكري، وقطاع البريد، وقطاع الشحن، وقطاع الأدوية، وقطاع المياه والأغذية، وقطاع الطيران المدني، وقطاع المطارات وقطاع الجوازات، والقطاع المالي والمصرفي، وقطاع الإعلام الحكومي، وقطاع الخدمات، الذي يشمل محطات الوقود والمشاريع الإنشائية، إلى جانب ما يتم استثناؤه بقرار من حكومة الإمارات وفق مقتضيات المصلحة العامة.
وفي ظل النجاح الكبير الذي حققته تجربة نظام «العمل عن بُعد» خطت الحكومة خطوة أوسع في سبيل تعميم هذا النظام، في ظل الظروف العادية، أي استمرار تطبيقه، بعد انتهاء الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، حيث أصدرت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، يوم الأحد الماضي، تعميماً موجهاً إلى الوزارات والجهات الاتحادية بشأن قرار مجلس الوزراء الذي صدر أخيراً، بخصوص نظام العمل عن بُعد في الحكومة الاتحادية، وسيتم تطبيق النظام حسب التعميم بشكل دائم من قبل الجهات الاتحادية في الظروف العادية، بالتوازي مع أنواع العمل التقليدي الأخرى المطبقة حالياً، وذلك بعد انتهاء الإجراءات التي تم اتخاذها لتنظيم العمل الحكومي في ظل الظروف الطارئة. وسيطبق النظام على الموظفين المواطنين الذين على رأس عملهم، في الوزارات والجهات الاتحادية، أو الذين سيتم تعيينهم مستقبلاً في الوظائف الملائمة للعمل عن بُعد.
ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة، التي ستسجل سبقاً نوعياً جديداً لدولة الإمارات، ستدفع في سبيل المزيد من تطوير البنية التكنولوجية التي تمتلكها الدولة، وستؤدي إلى تفعيل عملية استقطاب الكفاءات المتميزة والحفاظ عليها، وتخفيض التكاليف التشغيلية في الوزارات والجهات الاتحادية، وتوفير الخدمات الحكومية في غير ساعات العمل الرسمية، وهو ما سيؤدي إلى المزيد من تطوير الخدمات الحكومية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.