تأخذ الشخصية الوطنية دوراً محورياً في ظل حدوث متغيرات مفاجئة وخطرة وغير مسبوقة، مما يجعل القائد الوطني يعكس هويتهُ وقدراتهُ وسماتهُ وأعمالهُ وإدراكهُ للواقع، واختيار الحلول السريعة والناجعة لمواجهة تلك التحديات الطارئة.
عندما أصبحنا مع العالم نواجه جائحة فيروس كورونا Covid-19 كتحدٍ يفتك بحياة البشر ويعطل جزءاً كبيراً من النشاط البشري الاقتصادي والاجتماعي، وجدنا بأن الخطط التنموية والبنية المؤسساتية في دولة الإمارات كانت منيعة وقوية إلى حد كبير جداً، فقد تميزت بتحقيق الأمن الغذائي القومي في ظل الأزمات، من خلال استراتيجية بدأت عام 2018، حيث قامت بتوفير كميات كبيرة من السلع الغذائية الرئيسية، ونوعت أيضاً من مصادر الاستيراد، وشجعت الإنتاج المحلي. علاوة على ذلك، تجاوز نظام العمل الحكومي والمؤسساتي البيئة الخطرة نحو الفضاء الإلكتروني، وكانت هناك أيضاً جاهزية مقرونةً بتفاعل عالي المستوى، عبر استمرار التعليم عن بُعد. حقيقةً، كل ذلك، يندرج تحت رؤية القيادة الحكيمة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قيادة أسبلت جناحيها مُحلقةً في سماء المعرفة وكيفية تسخير الإمكانيات نحو استمرار متطلبات الحياة من عمل وعذاء وتعليم وصحة في الأوضاع الآمنة والخطرة، وفي ظل حكومة لديها تطلعاتها الواثقة نحو المستقبل.
وخلال مواجهة أزمة كورونا المعاصرة، برز الحضور القوي والفعال لكاريزمية القيادة الوطنية، المتمثلة في الخطاب السياسي والتوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والتي مهدت طريقاً يعبر من خلاله سكان الإمارات من المواطنين والمقيمين، على حد سواء، معضلة كورونا بوسائل الوقاية والتكيف السلوكي الفردي والجماعي، بالإضافة إلى كون خطابهُ السياسي، شجع على الأعمال التطوعية والمشاركة الشعبية في الدعم المادي والمعنوي، وصولاً إلى بسط أيادي الخير الإماراتية المشهود لها دولياً في دعم الدول والشعوب في الأزمات. ناهيك عن المشاركة الدولية لدولة الإمارات في الأبحاث العلمية لمواجهة كورونا.
بالفعل، دور القيادة الوطنية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لابد وأن يُضاف إلى جوانب فلسفة وحكمة التنمية المستدامة، (التي تحمل حيزاً كبيراً وعوامل كثيرة لكيفية تحقيق التنمية المستدامة بتلبية متطلبات الحياة المعاصرة مع الاهتمام بمستقبل الأجيال والحياة القادمة)، فقد أصبح من العوامل الرئيسية في التنمية المستدامة مدى توفر القيادة الوطنية الحكيمة والمدركة للقدرات والمكتسبات، والمجتهدة في قراءة أبعاد المتغيرات الدولية المتعددة، علاوة على إنها تمتلك القدرة على تخيل إمكانية حدوث أزمات مفاجئة.
إن كانت الدول تتقدم وتتطور وتعيش في مستويات عالية من الرفاهية والأمن عبر عوامل مرتبطة بخصائص وملكات قياداتها، فإن كل دولة لها الحق في التفاخر والتباهي بنجاحهم، وتحويلهم إلى أيقونات وطنية استطاعت النهوض بجميع القدرات والمشاريع المرتبطة بتطلعات ومطالب الشعب وتقدمهِ ومناعتهِ وفعالية دولتهِ، لذا يحق لنا هنا في دولة الإمارات وعلى المستوى الإقليمي والدولي أن نضع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قمة مفاخرنا السياسية والأمنية والتنموية، فهو الذي حلق وأسبل الجناحين نحو سماء وفضاء المعرفة والتنمية واستشراف مستقبل عالم الاعتماد المتبادل المتعدد بين الدول والأمم، حيث أضحى يخطط ويشق طرقاً اقتصادية متعددة غير معتمدة على النفط، ويستثمر في القوى البشرية ذات القدرات النوعية العالية، ومحققاً حكومة إلكترونية فعالة، وجاعلاً استشراف المستقبل جزءاً من عملية التخطيط الاستراتيجي في الجهات والمؤسسات الحكومية وكافة القطاعات الحيوية، ناهيك عن الدور المحوري في حفظ الأمن والاستقرار في دولة الإمارات والمنطقة العربية.
*كاتب ومحلل سياسي