تعيين توكل كرمان، الناشطة اليمنية المعروفة بانتمائها ودعمها لجماعة الإخوان «الإرهابية»، ضمن مجلس حكماء يشرف على محتوى موقعي «فيسبوك» و«انستغرام»، أكبر دليل على أن تحالف اليسار الغربي بإعلامه التقليدي والجديد مع الإسلاميين مازال مستمراً ولم ينته حتى بعد فشل ما يسمى بـ «الربيع العربي». فاختيار توكل كرمان – الحزبية والمعروفة بمواقفها السياسية العدائية لكل من يختلف مع أيديولوجياتها – من بين 1.9 مليار مسلم في العالم تعد عداوة صريحة للأنظمة السياسية في مصر والسعودية والإمارات والبحرين بل وكل دولة في المنطقة ضد الإسلام السياسي وتحديدا «الإخوان». ويتضح من هذا القرار أن أغلب وسائل الإعلام الرئيسية اليسارية الغربية بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي مسيسة، وتشرف عليها استخبارات دول لزعزعة أنظمة دول المنطقة لنشر الاضطراب وعدم الاستقرار باسم الديموقراطية وحرية التعبير.
فقد وصف مايكل روبن الباحث بمعهد أميركان إنتربرايز، مشاعر «كرمان» بأنها راسخة مع «الإخوان»، كما أضاف، «يبدو أن السلام وحقوق الإنسان أقل أولوية بالنسبة لها من الترويج للإسلاموية. إنها تفسر حقوق الإنسان من منظور طائفي. كم هو مأساوي أن لجنة نوبل اليائسة للغاية تصدر بيانا صحيحا سياسياً، لكن انتهى بها الأمر إلى تمكين شخصية قد تبدو داعمة للاحتجاجات غير العنيفة لكنها في الواقع تقف إلى حد كبير ضد السلام وحقوق الإنسان العالمية».
ومن خلال ذلك يتضح لنا أن توجهات توكل كرمان معروفة لدى المجتمع الدولي كذلك معروف من يدعمها وحتى حصولها على جائزة نوبل للسلام كان مسيساً، وإلا هناك رائدات عربيات ويمنيات يفقن توكل كرمان علما وقدرة ونشاطاً واتزاناً، لكنهن لسن ضمن المخطط لذلك لم يتم اختيارهن. وإذا كان التخطيط لموجة خراب عربي آخر باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتمكين الإسلاميين من السلطة، وتحديدا جماعة «الإخوان»، فما العمل؟ هل التنديد أو الشجب يكفي؟
الفرق بين الانتفاضات العربية السابقة، التي اندلعت في 2011، والانتفاضات المخطط لها، هو وعي الشعوب وانكشاف اللعبة للجميع، للدول والشعوب. الشيء المثير للدهشة سواء من اليسار الغربي وإعلامه أم من الجماعات المؤدلجة الإسلامية ومن يمولها هو استخدامهم نفس الأدوات التحريضية وكأنهم يحكمون على الشعوب العربية بالسذاجة وممكن خداعها باستمرار بنفس الأساليب والأدوات.
إن انتفاضات الشعوب في العراق ولبنان وليبيا تثبت أن هذه الشعوب، وخاصة الشباب، لا تريد شعارات رنانة وكلام مؤدلج «لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ»، بل يريدون وظائف محترمة واقتصاد قوي وعدالة اجتماعية وكل ذلك فشلت في توفيره الجماعات الإسلامية بما فيها جماعة «الإخوان» عندما حكمت. فشعارات مثل «الإسلام هو الحل» لن تنطلي هذه المرة على الشعوب.
وما يجب التفكير به في المستقبل هو العمل على إيجاد منصات مستقلة للتواصل الاجتماعي إما بتعاون شركات عربية مع دول شرق آسيا، أو بالتعاون مع أطراف غربية ضد أيديولوجيات اليسار الغربي. أما الشجب لوحده لا يكفي، أو توقيع عريضة احتجاج أيضا لا تكفي، لابد من تنفيذ عملي على أرض الواقع، لأنه لا اليسار الغربي سيكف عن مخططاته التخريبية ولا الجماعات الإسلامية سيكف طمعها في السلطة والتعاون مع أي جهة لتحقيق ذلك.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي