يبدو أن تركيا ماضية في غي عدوانها السافر على ليبيا، وقد تمادت أكثر عندما تجرأت للتحرش بسفينة دولة هي عضو معها في «الناتو» ألا وهي فرنسا.
وغرد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، عن ذلك قائلاً: «تؤكد دولة الإمارات تضامنها مع فرنسا في مواجهة التصريحات والأعمال العدوانية المستمرة من تركيا، وتدين بشدة سلوكها الخطير في استهداف سفينة تابعة للبحرية الفرنسية، ضمن مهمة «الناتو» لفرض حظر للسلاح، أقرته الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر».
وقد عبرت الدول العربية، خلال اجتماع طارئ لوزراء خارجيتها، عن تضامنها في رفض التدخل التركي في ليبيا، لا سيما وأن هذا التدخل يزج بالمرتزقة على الساحة الليبية، ويشعل نار الإرهاب، ويزعزع أمن المنطقة، والغريب أن تركيا بدت مُصرة على استخدام سلاح الميليشيات، التي تمارس الإجرام على مشهد من العالم أجمع.
إن المواقف العربية في هذه المرحلة مهمة للغاية، لأن أطماع تركيا لن تقف عند ليبيا فحسب، فهي لا تقل خطورة عن دول إقليمية أخرى، لا زالت تعبث بمنظومة السلم العالمي في المنطقة.
فإذا كانت تركيا تنوي احتلال ليبيا، فإذا ترك لها تنفيذ ذلك، فإنها تتمادى غداً إنْ لم تجد أمامها رادعاً لبلع دول أخرى.
وفي خطوة استباقية لمنع تركيا من تحقيق أهدافها، أكد المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أن الشعب الليبي سيطلب رسمياً من مصر التدخل بقوات عسكرية، إذا اقتضت ضرورات الحفاظ على الأمن القومي الليبي والأمن القومي المصري، وذلك دفاعاً شرعياً عن النفس، حال قيام الميليشيات الإرهابية والمسلحة بتجاوز الخط الأحمر، الذي تحدث عنه الرئيس السيسي، ومحاولة تجاوز مدينتي سرت أو الجفرة.
والغريب أن تركيا في ليبيا ليس لديها ما يبرر تدخلها، فليست لديها مع ليبيا حدود مشتركة تخشى من اختراقها، ومن الواضح أن ليس لديها سوى أطماعها في النفط والغاز، وليس الإنسان الليبي الذي يُقتل بسلاح المرتزقة، والتي تزعم الدفاع عنه.
تركيا بسلوكها العدواني تريد أن تكون سبباً مباشراً لوقوع حرب شاملة في ليبيا، تورط دولاً لم تواجه تركيا في عقر دارها، فكيف الأمر في خارج حدودها بآلاف الأميال.
و لكي تتضح حقائق ما يجري على أرض المعركة في ليبيا يتحرك العالم من خلال المنظمة الأممية، حيث رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق في ليبيا عملاً بقرار اعتمده مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفي معرض ترحيبها بالقرار، قالت ستيفاني وليامز، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة: «إن هذه البعثة تمثل إضافة قوية للجهود الجارية، من أجل بدء عهد جديد يتسم بالمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وهو أمر أساسي لتحقيق السلام».
من المهم جداً هنا أن ندرك أهمية موقف الحكومة السورية، التي تكتوي يومياً بنيران التدخلات التركية في استباحة أراضيها بالحجة الكردية، فقد أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين السوري، وليد المعلم، أن ليبيا ضحية الأطماع التركية، لافتاً إلى أن دمشق تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، منوهاً بأن سوريا مستعدة لدعم مصر في حماية أمنها القومي.
والموقف الفرنسي من الأحداث في ليبيا، يلخص خطورة الممارسات التركية هناك، ويمكن الاستناد إلى ما جاء في كلمة للرئيس الفرنسي، الذي أكد على «أننا لن نقبل بالدور الذي تلعبه تركيا ونقلها للمرتزقة السوريين إلى ليبيا، لن تقبل بتقسيم ليبيا، ولا بد من وقف إطلاق النار بشكل فوري، وإنهاء التدخلات الأجنبية، والقلق المصري إزاء التوغل التركي في ليبيا أمر مشروع، ولا بد من وقف التدخلات الخارجية والتصرفات أحادية الجانب في ليبيا، وتركيا تلعب لعبة خطيرة، ولا تلتزم بكل ما تعهدت به في مؤتمر برلين».