كعربي مسلم، أرى بأنه من الواجب عليَّ أن أوجه مجموعة من الأسئلة المهمة إلى السيد رجب طيب أردوغان حول ما يمارسه من أعمال عدائية صارخة في شتى أنحاء العالم العربي، بدءاً بسوريا مروراً بالعراق وما ينويه لليمن وانتهاءً بليبيا بشكل خاص.
فما الذي يريده منا تحديداً كعرب؟ وما هي نواياه تجاهنا؟ وما هي أسباب تلك النوايا ومنبعها وأهدافها؟ وما الذي فعلناه تجاه بلادك وشعبك حتى تقوم تجاهنا بما تقوم به؟ وهل ما تفعله من قتل ونحر وتنكيل للعرب نابع من روح الإسلام؟ أم أن جميع أنواع الأفعال هذه نابعة من نوايا توسعية تريد بها استعادة تاريخ أسلافك السيئ في البلاد العربية التي غزوها ونهبوا خيراتها وأذلوا شعوبها لما يقارب الأربعة قرون، ثم خرجوا منها عنوة بفعل الاستعمار الغربي بعد أن تركوها وهي من أكثر بلاد الأرض فقراً وجهلاً وتخلفاً؟ وهل أنت ومن يناصرونك في عدوانك تحملون حقاً روح الإسلام السمح والمتسامح؟ هذه الأسئلة هي غيض من فيض من الذي أحمله في نفسي من تساؤلات سلبية، وهي جميعها تدين وتشجب أعمالك في أوطاننا كعرب.
ما تقوم به في ليبيا هو قتل وسحل وتشريد لآلاف الليبيين العزل في جميع مدن الغرب الليبي، والأسلحة التي تستخدمها كلفت مليارات الدولارات الآتية من خزينة الدولة التركية، بالإضافة إلى مصادر أخرى سأحجب ذكرها إلى أن يحين الوقت المناسب لكشفها، وهي أموال ضرورية وتكفي أو تزيد لانتشال المواطنين الأتراك من الفقر والعوز الذي يعيشون فيه بسبب التردي الاقتصادي في الداخل التركي وتقوم حكومتك باستخدامه لأغراض محورها العدوان والقتل والتنكيل بالليبيين الشرفاء، فأين هو العقل، وأين هي الحكمة تجاه هذه المسألة؟ والمهم في الأمر هو أن دولة عربية مسلمة تم تدميرها وقتل شعبها عن طريق استخدام أكثر الأسلحة فتكاً في عالم اليوم من طائرات مسيرة وصواريخ متقدمة وقذائف مدمرة، وفوق هذا وذاك عن طريق استئجار وتسليط مرتزقة من الإرهابيين وشذاذ الآفاق المارقين لكي ينحروا الليبيين ويفتكوا بشبابهم ويستبيحوا حرماتهم.
كان يمكن استخدام الأموال التي صنعت بها تلك الأسلحة واستئجار المرتزقة للفتك بالليبيين وبالعرب الآخرين في مشاريع التنمية الاجتماعية من صحة وتعليم وإسكان وغيرها في داخل تركيا ذاتها.
المرارة والانطباعات السلبية التي تولدت لدينا من ما يتم القيام به في بلاد العرب، وبشكل فجائي ودون سابق إنذار مقززة للنفوس، ومثيرة للألم، وتعتمد على ما نحس به نحن كعرب، لكن السؤال هو هل أغلبية الشعب التركي المسلم مسموح له بأن يستغل وقته وينظر ملياً إلى المحتويات الحقيقية لما يتم القيام به تجاه العرب وبلادهم، ويتجرؤوا على الإفصاح عن ذلك؟ وهل هم يوافقون على ذلك؟ أم أن المسألة ستمر دون أن يحركوا ساكناً في الانتخابات الرئاسية التركية القادمة، ويبقى الموضوع بالنسبة لهم مستقبلي متروكا للتاريخ لكي يحكم عليه وتقوم فيه الأجيال التركية القادمة بالتساؤل والتعجب: ما هو نمط البشر «المسلمين» الذين عاشوا في تركيا في الخمس الأول من القرن الواحد والعشرين وقاموا بسلخ جلود بني جلدتهم من المسلمين العرب وبقتلهم عمداً وعن سابق إصرار دون ما أسباب واضحة سوى استعمار أوطانهم ونهب ثرواتهم؟
أنا لا أستطيع أن أسمي أحد - حتى أولئك الذين يؤيدون ويدعمون غزو ليبيا من أتراك أو غيرهم يعتقد بأن الحرب على شعب ليبيا قد شنت لكي يتم حل المشكلة القائمة، أو لنصرة «حكومة الوفاق»، لأنها تمثل الشرعية أو لحماية العدالة، فالجميع يعلم ويؤمن بأن السيد أردوغان يريد أولاً نقل مشاكله السياسية وتدهور شعبيته في الداخل إلى الخارج في محاولة لإنقاذ مستقبله السياسي.
وثانياً، هو يريد وضع يده على ثروات ليبيا من النفط والغاز مباشرة.
وثالثاً، هو ومن معه من «عثمانيين جدد» لديهم أوهامهم التي تتعلق باستعادة الاستعمار التركي السابق في العالم العربي.
ورابعاً وأخيراً هو يريد توجيه رسائله إلى الأوروبيين بأن «تركيا الاستعمارية» قادمة إليكم مرة أخرى طالما أنكم لم تقبلوها كواحدة منكم عضواً في الاتحاد الأوروبي.
لذلك فقد تم غزو ليبيا كحالة جديدة من الابتزاز والسرقة الدولية. وللحديث صلة.
*كاتب إماراتي