ليس جديداً على دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمامها باستشراف المستقبل القائم على رصد وتوقع التغيرات والاستعداد لها عبر اعتماد سياسات واستراتيجيات، مهمتها رفع الجاهزية ومواجهة كل التحديات، القائمة والمتوقعة، بأساليب وأدوات متقدمة تمكنها من تحقيق المستهدفات الحيوية، وفق رؤية ترتكز على الاستعداد المبكر للمستقبل، وممارسات فضلى توفر لأفراد المجتمع، مواطنين ومقيمين، حياة ومستقبلاً آمنين ومستقرين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، استناداً إلى خطط وآليات تتسم بالكفاءة والجاهزية والمهنية والاقتدار.
وانطلاقاً من حرص حكومة دولة الإمارات على مواكبة كل ما يتعلق بأزمة وباء كورونا المستجد، اجتمع المجلس الوزاري للتنمية، الأسبوع الماضي، برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، لاستعراض مستجدات أبرز القرارات الحكومية المتعلقة بالحد من انتشار مرض كورونا المستجد، وأبرز نتائجها، إضافة إلى استعراض الدراسة المقدمة من الفريق المشكل بقرار مجلس الوزراء، حول تطوير خطة اقتصادية لمرحلة التعافي وتعزيز دعم القطاعات الاقتصادية في الدولة، متضمناً فرص دعم المجالات الاقتصادية والاجتماعية ووضع سياسات وتشريعات لرفع جاهزيتها مستقبلاً، والتدابير التي نفذها الفريق لخدمة الأهداف المرجوة منها، وتقييم أثرها وفاعليتها في التعامل مع المستجدات، بما يسهّل التحول إلى نموذج اقتصادي أكثر مرونة، ويعزز قدرة الدولة على مواجهة الأزمات بثقة وعزم وثبات.
إن اهتمام دولة الإمارات بحماية المكتسبات، ودعم مسيرة التنمية وتأمين مستقبل أفضل للأجيال، جعلها تكثّف الاستعداد لمرحلة ما بعد الوباء، إذ كان اجتماع حكومة دولة الإمارات، الذي عُقِد تحت عنوان «الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19»، خلال الفترة من 10 إلى 12 مايو الماضي، أحد أهم اللقاءات الحكومية التي تسعى إلى تطوير منظومة العمل الحكومي ووضع استراتيجية لمرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجد، من خلال اعتماد خطط وسياسات وتبني آليات، تغطي احتياجات القطاعات الخدمية والاقتصادية والمجتمعية في المستقبل، بما يؤكد جاهزية الدولة واستعدادها الكامل لمرحلة ما بعد «كوفيد–19».
ولأن دولة الإمارات تستعد العام المقبل للاحتفال بالذكرى الـ50 لتأسيس دولة الاتحاد، ولها رؤية طموحة في الانتقال إلى اقتصاد المعرفة القائم على التنوع والمرونة والابتكار، فإنها تبذل كل ما بوسعها لتكون أقوى، وتخرج من هذا الظرف الذي يعصف بالعالم وهي أكثر تطوراً وازدهاراً، وأكثر رسوخاً على مؤشرات التنافسية العالمية التي لطالما أكدت مكانتها وحضورها الفاعل في هذه المجالات، نتيجة ما تمتلكه من رؤية وتوجهات ومنهجية استباقية، وفِرَق عمل تخطط ليل نهار للتعامل مع التحديات والنهوض من أي أزمة متعافيةً وأكثر قدرةً على التقدّم، وهو ما أشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عقب اختتام فعاليات اجتماع حكومة دولة الإمارات في مايو المنصرم، حين قال: «نحن قادرون بسواعد أبناء وبنات الإمارات على النهوض والتعافي بسرعة بعد هذه الجائحة التي ألمت بالعالم.. ثقتنا بفريق الإمارات كبيرة».
لقد كثّفت حكومة دولة الإمارات، وما زالت، الجهود التي ترفع جاهزية الدولة وقدرتها على مواجهة أي طارئ في المستقبل، على الصعد والقطاعات التي تعوّل الدولة عليها، في تحديد الأولويات، من خلال تطوير منهجية شاملة تتكيف مع المتغيرات بسرعة أكبر ومرونة أعلى، وفق إطار من التكامل الذي يصنع مستقبلاً مستداماً للدولة وأبنائها، ويكون للتقدم العالمي المتسارع في مجال التكنولوجيا دور بارز في تحقيق المستهدفات التنموية في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والأمن الغذائي والطاقة والنقل والصناعة والمناخ وغيرها، لتكون الأسرع نهوضاً والأكثر ذكاءً في استباق متطلبات مرحلة ما بعد كورونا، وبما يعود على تلك القطاعات الحيوية بالنمو والاستقرار.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.