أسواق الأسهم ليست لها علاقة قوية بالاقتصاد الحقيقي، ولكن هذه الأيام يبدو أنه ليس لديها علاقة قوية بالواقع بشكل عام. ولكن، ماذا يحدث في السوق؟ الواقع أنه الأمر أشبه بمسرحية من ثلاثة فصول (حتى الآن).
الفصل الأول هو الانخفاض الكبير جداً الذي شهدته الأسواق مع اتضاح تهديد كوفيد 19. هذا الانخفاض عكس قلقاً مبرراً بشأن الأرباح المستقبلية، ولكنه عكس أيضاً أزمة مالية ما زالت تتطور: فعلى مدى بضعة أسابيع، أخذت أسواق الائتمان تتجمد تقريباً على نحو ما فعلته في أزمة 2008. غير أن «الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي) كان موجوداً وتدخل. وقد تحرك بسرعة، حيث اشترى السندات، وأنشأ منشآت خاصة للإقراض، وفعل كل ما يلزم عموماً من أجل تيسير عمل الأسواق، وضمان استمرار تدفق المال.
والنتيجة كانت الفصل الثاني من المسرحية: انتعاش لأسعار الأسهم عوّض نحو نصف الخسائر التي نجمت عن الانخفاض الأول.
حتى تلك اللحظة، كان سلوك أسعار الأسهم معقولاً ومنطقياً بشكل عام. ولكن بعد ذلك أتى الفصل الثالث: ارتفاع في الأسعار أزال معظم الخسائر الأولى، ودفع مؤشر «ناسداك» للارتفاع إلى مستوى جديد. ارتفاع حمل كل المؤشرات المعتادة لفقاعة.
روبرت شيلر، الخبير العالمي البارز في مثل هذه الأشياء، أشار إلى أن فقاعات الأسهم هي في الواقع «مخططات بونزي» احتيالية تحدث بشكل طبيعي، حيث يرى المستثمرون المبكرون مكاسب كبيرة؛ لأن المستثمرين الأواخر يدفعون الأسعار للارتفاع، ما يغري مزيداً من الأشخاص ويشجعهم على شراء الأسهم، وهكذا دواليك، وتستمر الحفلة إلى أن يقطع شيء ما تدفق أموال جديدة، ثم فجأة ينهار كل شيء.
وهذا ما حدث مع الارتفاع الأخير في قيمة الأسهم. فبعد أن شجّعهم تعافي الأسهم من مستويات مارس المنخفضة بفضل تدخل «الاحتياطي الفيدرالي»، بدأ بعض المستثمرين شراء الأسهم. ثم تحقق تفاؤلهم بالفعل، إذ دفعت المكاسب الأولى مزيداً من المستثمرين الحذرين إلى الانضمام إليهم، مدفوعين بـ«الخوف من إضاعة الفرصة». وبدا الأمر شبيهاً جداً بفقاعة شركات الإنترنت لسنوات التسعينيات، على أن الفرق الوحيد ربما هو أن الفقاعة تحدث على جدول زمني مسرع هذه المرة.
الآن، قد تكون الفقاعة - أقول قد تكون - بصدد الانفجار. ولكن هل يهم هذا؟
ليس كثيراً في الحقيقة. فبالتأكيد أسعار الأسهم لديها بعض التأثير على استثمار الشركات وإنفاق المستهلكين، ولكن هذه التأثيرات تظل صغيرة ربما.
غير أن فريق ترامب ينظر إلى أسعار الأسهم على أنها المقياس الأهم لنجاح السياسات. في 2007 - عشية «الركود الكبير» - أعلن لاري كودلو الذي يُعد الآن كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين، أن الأمور على أفضل ما يرام، لأن السوق مرتفعة، والأسهم هي «أفضل مقياس لصحة وثروة وأمن بلد ما».
وهكذا اعتبر الترامبيون ارتفاع السوق تأكيداً لصحة وصواب كل ما كانوا يفعلونه: ضغطهم في اتجاه إعادة فتح البلاد بشكل مبكر على الرغم من أن فيروس كورونا لم يُسيطر عليه بعد، ومعارضتهم لمزيد من مساعدات الإغاثة للعمال الذين باتوا من دون عمل. بعبارة أخرى، إن الكثرة غير العقلانية للمستثمرين الصغار ربما ساعدت انعدام مسؤولية بعض المسؤولين في الإدارة، خاصة من لا يريدون التعاطي مع الواقع أصلاً.
وإذا كان انخفاض الأسهم قد يدفع في اتجاه إعادة التفكير في عدد من الأمور، فإن الكثير من الضرر حدث أصلاً.
*أكاديمي أميركي حائز جائزة نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/06/15/opinion/coronavirus-stock-market.html