منذ أن أُسّسَت دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تحمل على عاتقها قيمة إنسانية عليا، تتجسد في تلبية حاجات الأفراد والمجتمعات والشعوب المعوزة، موجّهة أنظارها إلى دعم كل ملهوف وإغاثة كل من يستصرخ إخوانه وأشقاءه طلباً للعون، ليجد المتأمل دولة الإمارات، في تلك اللحظة، واقفة على أهبة الاستعداد وماضية بالسرعة الممكنة في مدّ يد العون إلى من تضرَّر أو تأذَّى من أزمة أو كارثة أو حرب، حتى جاءت أزمة وباء كورونا المستجد، التي اجتاحت العالم، وكشفت في الوقت نفسه عن حجم الخير الذي خرج من قلوب الناس قبل جيوبهم.
وباء «كورونا» الذي زاد من حرص مواطني دولة الإمارات والمقيمين فيها وحماستهم في تقديم الدعم لمن يحتاج إليه، كان سبباً آخر في إتاحة المزيد من الفرص للفئات الاجتماعية كافةً للتطوع بشتَّى أشكاله وطرقه، لتأتي رئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس اللجنة الوطنية العليا لتنظيم التطوع خلال الأزمات، اجتماع اللجنة الذي عُقِد عن بعد، أول من أمس، مناسبة مهمة لتأكيد سموه أهمية تنويع الأنشطة التطوعية التي تتبناها حملة «الإمارات تتطوَّع» الوطنية، والتركيز على التحديات التي تواجه المواطنين والمقيمين، للوصول إلى شرائح المجتمع كافة في جميع الظروف، ما يحقق استجابة تنموية شاملة تلبي متطلبات هذه الشرائح واحتياجاتها.
إن توجيه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بتنويع أنشطة التطوع، واستقطاب المزيد من المتطوعين، مع مراعاة اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، ينمُّ عن عمق الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة، القائمة على تحقيق أكبر فائدة مرجوَّة من أي عمل تطوعي، وهو إشارة إلى ضرورة عدم إهدار الوقت والجهود، والتركيز على الاستفادة من التجارب والدروس بجاهزية كبيرة واستعداد مسبَق، لمساعدة الأجيال القادمة على تجاوز أي تحديات مستقبلية، وهو ما ينسجم مع توجيهات قيادة الدولة الحكيمة والاستجابة لها في هذا الخصوص.
لقد جاء اعتماد مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في أبريل الماضي، تشكيل اللجنة الوطنية العليا لتنظيم التطوع خلال الأزمات، برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، إحدى أبرز الأدوات المستحدثة والمبتكرة لتطوير منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي في الدولة خلال أوقات الأزمات، وهو مثال على سعي الدولة إلى تنظيم العمل التطوعي وتنسيقه مع المتطوعين وبينهم، حيث واصلت حملة «الإمارات تتطوع» مبادراتها تحت إشراف اللجنة الوطنية العليا لتنظيم التطوع خلال الأزمات، واستقطبت، منذ تأسيسها حتى نهاية شهر يونيو الماضي، 21847 متطوعةً ومتطوعاً، منهم 6980 مواطناً، و14867 مقيماً في الدولة من 134 جنسية، كما بلغ عدد الفرص التطوعية التي أتاحتها الحملة للمتطوعين 185 فرصة تطوعية، 150 منها ميدانية، و35 افتراضية، بحسب سعادة عبيد الحصان الشامسي، مدير عام الهيئة الوطنية للطوارئ والأزمات والكوارث.
إن حملة «الإمارات تتطوع»، التي حققت إنجازات كبيرة في وقت قياسي، تُعَدُّ أحد النماذج الناجحة لقيادة العمل التطوعي، ودعم جهود المتطوعين، وإشراك الخبرات والمهارات في عملية التطوع، ميدانياً وافتراضياً، ضمن منظومة متكاملة ومستدامة، وهو أمر يُضاف إلى سجل الدولة الحافل بالمؤسسات والمبادرات التطوعية التي رفعت جاهزية المتطوعين في التعامل مع الأزمات، والإسهام في تقديم الدعم النفسي والصحي والمالي واللوجستي إلى مستحقيه داخل الدولة وخارجها، انطلاقاً من قاعدة أساسية تقوم على اعتبار العمل التطوعي عملاً وطنياً، وواجباً إنسانياً، ومسؤولية أخلاقية، وأن الوقوف إلى جانب مستحقّي الدعم، وإعانتهم خلال الأزمات، يعنيان أن دولة الإمارات باقيةٌ على الخير ما بَقيَت؛ لأن «الإنسان للإنسان»، ولا شيء غير ذلك.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية