الهيكل الجديد للحكومة الاتحادية الذي تم الإعلان عنه يوم الأحد الماضي، يُعبِّر عن فلسفة العمل الحكومي في الإمارات التي تقوم على التميز والابتكار والمرونة والكفاءة، فهذا الهيكل الذي استحدث وزارات دولة جديدة ودمج بعض الهيئات، وأوجد مناصب رؤساء تنفيذيين في قطاعات تخصصية، يشير بوضوح إلى أن الإمارات تواكب عالم ما بعد كورونا بحكومة كفاءات عالية، تتسم بالمرونة والفاعلية والاستباقية في اتخاذ القرارات والعمل بروح الفريق، والقدرة على التكيف مع المتغيرات بسرعة وفاعلية أكبر، وبما يحقق تطلعات شعب الإمارات، ويعزز من رفعة الدولة وتقدمها.
تشكيلة الحكومة الجديدة، بما تضمنته من وزارات وهيئات جديدة، مثل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، واستحداث منصب وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بُعد، وتأسيس الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والحكومة الرقمية، تؤكد بوضوح أن الإمارات تدرك جيداً أن عالم ما بعد كورونا يختلف عما قبله، وأن الاستمرار في مسيرة التفوق والريادة والتميز، يتطلب تطوير أدوات العمل الحكومي، وجعلها أكثر مرونة وفاعلية، من أجل تحقيق أهداف الأجندة الوطنية للسنوات المقبلة. في الوقت ذاته، فإن الحكومة الجديدة والمهام التي أسندت إليها تأخذ في الاعتبار التطورات والمتغيرات كافة التي ترتبت على جائحة كورونا، والأولويات الجديدة التي يتعين على حكومات المستقبل التركيز عليها، مثل الأمن الغذائي والأمن السيبراني والتعليم عن بُعد، وتطوير المنظومة الصحية والخدمات الطبية والعمل عن بُعد والثورة الرقمية، من أجل الاستعداد الجيد لأي أزمات أو كوارث طارئة قد تحدث في المستقبل. 
ولا شك في أن الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الحكومة الجديدة من السرعة في اتخاذ القرار والمواكبة الدائمة للمتغيرات واستغلال الفرص بشكل فاعل والتوظيف الأمثل للموارد والعمل على تعزيز منجزات ومكتسبات الإمارات في الداخل والخارج، وتعزيز شراكاتها الخارجية، إنما تؤكد الرؤية التنموية العميقة للقيادة الرشيدة في الإمارات، والتي لا تعترف بالمستحيل، وتعمل على تحويل الأزمات إلى فرص، وتراهن دوماً على قدرات أبناء الوطن في العبور إلى المستقبل، من خلال تطوير منظومة العمل الحكومي، والارتقاء بأدواتها وآلياتها بشكل مستمر، لتكون على أتم الاستعداد لمواجهة أية أزمات أو تحديات مهما كانت طبيعتها، لضمان مواصلة مسيرة الإنجازات في ظل أي ظروف. 
لقد وضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عاماً واحداً أمام الحكومة الجديدة لتحقيق الأولويات الجديدة، وأكد «أن التغييرات المستمرة ستبقى شعار المرحلة القادمة وصولاً لأفضل نموذج حكومي يواكب العصر الجديد، ويحقق تطلعات شعب الإمارات خلال المرحلة القادمة»، وهذا يشير بوضوح إلى أن أمام هذه الحكومة العديد من المهام لإنجازها خلال هذا العام الذي يعد مرحلة فارقة في تاريخ الإمارات، ليس فقط لأنه يأتي في ظل تحدٍ غير مسبوق يواجه العالم، وهو جائحة كورونا، التي أعادت ترتيب الأولويات، وفرضت واقعاً جديداً على جميع دول العالم يتطلب التكيف معه، وإنما أيضاً لأن هذا العام يؤسس لتحولات كبرى في تاريخ الإمارات، فهو العام الذي تتهيأ فيه الإمارات للاحتفال باليوبيل الذهبي في العام المقبل 2021، وتستعد خلاله أيضاً للانطلاق إلى مرحلة جديدة في مسيرتها التنموية للخمسين عاماً المقبلة، وهذا أمر يدعو للثقة والتفاؤل في أن الإمارات تمضي بخطى واثقة وثابتة نحو تمتين تجربتها الوحدوية الفريدة، وتعزيز مكانتها على خريطة الدول المتقدمة.
لطالما قدمت الإمارات النموذج الملهم في العمل الحكومي، ليس فقط من خلال استحداث وزارات متخصصة جديدة في مجالات التسامح والسعادة والذكاء الاصطناعي، وإنما أيضاً لأنها تتبنى استراتيجية تعلي من ثقافة التميز والإبداع والتنافس فيما بين الوزارات والهيئات الاتحادية، من أجل دفع عجلة التميّز في جميع مؤسسات الحكومة الاتحادية، وتحقيق الاستدامة في منظومة الإدارة الحكومية، ولا شك في أن الحكومة الجديدة، والتي تضم خبرات وكفاءات عالية من الشباب في مختلف المجالات، ستمثل مرحلة جديدة في العمل الحكومي، بإضافة آليات وأدوات جديدة تعزز من عملية صنع القرارات، والارتقاء المستمر بجودة الخدمات في مختلف المجالات، وتعزيز منظومة إدارة الأزمات والكوارث، ومواكبة المتغيرات العالمية، والاستفادة من الفرص التي تتيحها في ترسيخ ريادة الإمارات في مختلف المجالات.