كان الحفل، الذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات، أول من أمس الأحد، من أجل الإشادة بجهود المؤسسات الإعلامية بالدولة في تغطية إطلاق «مسبار الأمل»، حدثاً ثرياً بمعانيه ورسائله، وتكريماً مُستحَقاً لقطاع مؤثر يؤدي دوراً بالغ الأهمية في تأكيد ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة، ويعكس موقعها المميَّز على خريطة التأثير والفاعلية في العالم. 
التوقيت الذي اختارته الدولة للتكريم كان لافتاً للنظر، فهو يأتي بعد نحو أسبوع من إطلاق المسبار، ولا يزال العاملون في وسائل الإعلام المختلفة يعيشون أجواء الحدث وأصداءه، ولا تزال آثار السهر والترقُّب والتوتر والجهد الإضافي والعمل المكثف باقية في نفوسهم. والتكريم في هذا التوقيت المبكر أبعد وأعمق أثراً، وأكثر تعزيزاً للدافعية إلى بذل المزيد من الجهود. وتُرسخ الدولة بذلك واحدة من قواعد استدامة التميز فيها، وهي التعجيل بالتعبير عن التقديرَين المادي والمعنوي لمن يستحقهما، وخلق الحوافز والمكافآت في كل مجالات العمل وميادينه، على الرغم من أن الأداء المخلص والمتميز يمثل واجباً أخلاقياً ودينياً للفرد قبل أي شيء آخر.
ولا يقل أهميةً عن ذلك أن التكريم لم يكن مناسبة إنشائية، وأن تقييم المواد الإعلامية المنشورة لم يخضع للانطباعات الجزئية، بل كان محصلة دراسة علمية وافية ومفصَّلة تضمنت رصداً دؤوباً وتحليلاً متعمقاً لكل ما نُشر عن رحلة «مسبار الأمل» تقريباً عبر فترة ممتدة، وبكثير من اللغات في مختلف أنحاء العالم، في الإعلام التقليدي ومنصات التواصل الاجتماعي ذات التأثير المتنامي. وكانت لغة الأرقام، التي لا تعرف المداورة، هي السائدة في دراسة التغطية الإعلامية لرحلة «مسبار الأمل»، ما يوفر خريطة تفصيلية واضحة المعالم تقدم إجابات عن كل الأسئلة المطروحة.
وفي هذا الإطار العلمي كان تقييم جهد الإعلام في الدولة دقيقاً، مع تطوير أدوات علمية تجعله قابلاً للقياس. ووفقاً للنتائج، فقد زادت التغطية الإعلامية الشاملة لرحلة المسبار في وسائل الإعلام المحلية خلال أسبوعي الإطلاق «على 60% من المحتوى الإعلامي المحلي في مختلف المنافذ والمنصات الإعلامية الورقية والرقمية والمرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي، مع تنامي حجم الاستحواذ لجهة المساحة الإعلامية، أو التفاعل المجتمعي، ليصل إلى أكثر من 75% في أسبوع ما قبل الإطلاق». وقد تخطَّى التفاعل المحلي في الإعلام الجديد و«المنصات التفاعلية الرقمية 90% يوم الإطلاق، و95% ساعة الإطلاق، و97% في الساعات الاثنتي عشرة الأولى بعد الإطلاق مباشرة، مقارنة مع حجم التفاعل مع قضايا واهتمامات محلية أخرى». ويتصل بذلك أن حضور ممثلي الإعلام الجديد كان كبيراً، إلى جانب وسائل الإعلام وقنواته التقليدية، ما يشير إلى الوعي بالمتغيرات التي يشهدها الإعلام في العالم في ظل الثورة الرقمية الهائلة.
وهذا هو السياق الذي جاءت فيه كلمات معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، حيث قال في حديثه خلال الحفل مخاطباً الحضور من الإعلاميين: «إن الحراك العلمي والمجتمعي، الذي خلقه مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من خلال مسبار الأمل، لم يكن ليحقق كل هذا الصدى وهذا التأثير من دون وجود حراك إعلامي قوي، بذات القدر من التأثير والفاعلية والقدرة على التحفيز والإلهام وحشد العقول والقلوب وراء مشروع علمي استراتيجي هو الأضخم إماراتياً وعربياً».
ولا شك في أن كل الإعلاميين في الدولة يشعرون بالفخر وهم يرون عملهم يَلقى التقدير المستحَق، ولا شك أيضاً في أنهم يشعرون أكثر بمسؤولية البناء على هذا النجاح وتعزيزه في الدولة التي تشهد إنجازات لا تتوقف، ونجاحات ووثبات كبرى إلى الأمام، وهو ما يمثل تحدياً في تقديم أبناء الدولة وشعوب المنطقة والعالم بالصورة الملائمة. ونحن على ثقة بأن الإعلام الإماراتي قادر على تحمُّل هذه المسؤولية وأدائها على النحو الأفضل.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية