تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الجمعة، العالمين العربي والإسلامي في الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، الذي يُعدُّ هو وعيد الفطر العيدين السنويَّين للمسلمين، وقد شرع الله سبحانه وتعالى الفرح والسرور والابتهاج في هذه الأعياد. ولعيد الأضحى، على وجه الخصوص، مكانة خاصة، بل إن بعض العلماء يعدُّونه أفضل أيام الدنيا قاطبة، بل أفضل من يوم عرفة، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بيوم عيد الأضحى، في قوله: «وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ»، حيث قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في تفسير هذه الآية: الشفع هو يوم عيد الأضحى، والوَتر هو يوم عرفة. وقال الرسول، صلى الله عليه وسلم، في حديث رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصحَّحه الألباني: «إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ»، ويوم النَّحرِ هو يوم عيد الأضحى، أما يوم القُرِّ، فهو اليوم الذي يليه. ويقول المفسرون إنه سُمي هذا الاسم، لأن الحجيج يقرُّون فيه، أي يستقرون بـ «مِنى»، بعد أن يفرغوا من طواف الإفاضة والنحر، ويستريحوا. 
ولا بدَّ في هذا السياق من تأكيد أن الإسلام هو عكس الصورةِ النمطيةِ لدى البعض، الذي يعتقد أنه دين لا يحضُّ على الفرح والبهجة والسرور، بل إن المطالِع لسيرة النبي، صلَّى الله عليه وآله وسلم، يجد أن شخصيته عليه أفضل الصلاة والسلام كانت تجمع بين الجد والمرح، حتى إن الصحابي الجليل عبدالله بن الحارث، رضي الله عنه، قال عن رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما رأيتُ أحداً أَكثرَ تبسُّماً من رسولِ اللَّهِ، صلَّى الله عليْهِ وسلَّم»، وهكذا فإن أعياد المسلمين تُعَدُّ مناسبات دورية لترسيخ الفرحة والبهجة والسرور في نفوسهم.
ويحل عيد الأضحى هذا العام وسط ظروف استثنائية، بفعل التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد-19) على دول العالم كافة، ومن هنا فإنه يُعَدُّ فرصة للمسلمين للفرح والسرور برغم الظروف الاستثنائية التي أنتجتها هذه التداعيات، وخلقت حالة من الشعور بالاكتئاب لدى البعض، خاصة مع تنامي عدد الإصابات، وتزايد أعداد الوفيات، وعدم التوصل إلى لقاح مضاد له، على الرغم من الجهود المبشّرة في هذا السياق، التي قد تكون مقدمة بالفعل لتحقيق هذا الهدف الذي سيكون أداة حاسمة في كسب المعركة ضد هذه الجائحة التي تمثل تحدياً غير مسبوق للبشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945). 
ويحلُّ عيد الأضحى هذا العام، ودولة الإمارات العربية المتحدة تعيش أفراحاً متعددة تشيع البهجة والسرور في نفوس كل من يقيم على أرض هذا البلد الطيب من مواطنين ووافدين، ففضلاً عن فرحة العيد نفسها، هناك فرحة الإنجاز التاريخي الذي تحقق بإطلاق «مسبار الأمل» قبل نحو عشرة أيام، لتكون دولة الإمارات أول دولة عربية وإسلامية لديها مشروع لاستكشاف كوكب المريخ، وهناك فرحة الإنجازات التي حققتها الدولة في المعركة الشرسة التي خاضتها ضد جائحة فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد-19)، ففي الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الدول تداعيات هذه الجائحة، استطاعت الدولة أن تحاصر انتشار الفيروس، وتقدّم أعلى درجات الرعاية إلى من أصيبوا به، وتؤكد الإحصائيات اليومية أن معدلات الإصابة به بدأت تتقلَّص بشكل واضح، وقد تحققت هذه الإنجازات بفضل استراتيجية محكَمة اتبعتها دولة الإمارات من خلال مؤسسات راسخة كانت على مستوى الحدث في التعامل مع هذه الجائحة، وهذه الاستراتيجية أسست قاعدة رئيسة تتمثل في إيمان قيادتنا الرشيدة المطلَق بقيمة الإنسان، وضرورة توفير كل أوجه الرعاية والعناية به، وقد تم تنفيذها بمتابعة دقيقة ومستمرة من هذه القيادة التي نذرت نفسها للوطن والمواطن.
إن عيد الأضحى يُعَدُّ مناسبة سنوية كبرى للفرح والبهجة والسرور، وتحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بهذا العيد في الوقت الذي تعمُّها فيه أفراح كثيرة بما حققته من إنجازات متنوعة تؤكد تقدمنا بكل ثقة واطمئنان لتحقيق كل أهدافنا، وفي القلب منها ما تضمنته مئوية الإمارات 2071، التي نسعى من خلالها إلى أن تصبح دولتنا الدولة رقم واحد في العالم، ونحن قادرون، بتوفيق الله تعالى، وبفضل قيادتنا الرشيدة، على قهر كل التحديات وتحويلها فرصاً، وتحقيق كل ما نسعى إليه، حتى تظل دولة الإمارات العربية المتحدة عنواناً للإنجاز، وتأكيد أنه لا يوجد شيء مستحيل.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية