كل عام وأنتم بخير بعدد البيوت والأرواح على كوكبنا المتشح بزرقة الأمل، وعيديتي المتواضعة هي عدم التطرق لشجون السياسة. ولنتفاءل، وعسى الله أن يرفع غمة الجائحة عن كل خلقه. قوت الروح فسحة، قد تختلف من شخص إلى آخر، إلا أنني أجد في الشعر والموسيقا ملاذاً.
رغم عبء الجائحة، فإن الإصرار الإنساني كان أكبر من الانهزام، ووجدنا الأبطال في كل أفرع منظومات الدول، وعلى رأسها مقدمو الخدمات الصحية والمتطوعون. وحتى الغمامة السوداء التي غطت الكثير من أجواء المدن الكبرى، قد انحسرت بفعل تباطؤ حركة البشر. وها هو الإنسان يؤسس لكتابة فصول مستقبله بتفاصيل جديدة، وحتى مع مرورنا بهذه الجائحة، إلا أن الإبداع الإنساني لم يتوقف، كإطلاق الإمارات «مسبار الأمل». وبالرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فإننا شهدنا مواصلة عمليات الدمج الكبرى بين البنوك، بهدف تخليق مصارف قادرة على التواجد والمنافسة في سوق المال الدولي. وكذلك الإعلان عن إطلاق مشروع الربط الحديدي بين المملكة العربية السعودية، والإمارات وسلطنة عُمان، والمزمع الانتهاء منه عام 2023. والعيدية الأكبر، تمثلت في الإعلان عن بدء التشغيل الآمن في أول مفاعلات محطة براكة للطاقة، والذي أعلنت عنه «مؤسسة الإمارات للطاقة النووية» في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، والذي يعد انطلاقة مستقبلية كبرى، ليس في مسيرة الإمارات، بل المنطقة. 
كل تلك العناوين الكبرى قادرة على تحفيز الإرادات، والتأثير الإيجابي على التنمية المستدامة خليجياً، وليس فقط توطين المهن وتخليق قطاعات اقتصادية غير تقليدية. ورؤوس الأموال الخليجية (الخاصة) متوفرة، بشرط إفساح المجال أمامها للمشاركة في وضع التشريعات والرؤى. ولنتخذ من شراء الأندية في الدوريات الأوروبية الكبرى مثالاً، فأسباب توجهها هما عاملان، الأول هو الاستثمار في قطاع بات يعتبر جزءاً من صناعة الترفيه، وثانياً، ارتقاء الإمتاع يجلب الجمهور وكذلك الرعاة الكبار. للحظة، لنتصور إطلاق نسخة دوري خليجي ممتاز، وآخر رديف يضمان كافة الأندية الخليجية، بشرط أن يدار من قبل مجلس إدارة منتخب من بين جميع الأندية.
لنا أن نتصور أثر مثل ذلك على حركة هذه الأندية بين دولنا بشكل أسبوعي، وحجم التنافس على الرعاية بين الشركات الدولية، وما يمكن أن يتيح كل ذلك لشبابنا من فرص الاحتراف وآفاق تطور لمحتوى صناعة رافدة للمحتوى الوطني، ذلك بالإضافة ليكون هذا القطاع جزءاً من صناعة دولية. لماذا يجب أن نبقى تقليديين في تلمس المستقبل، كم سيكون جميلاً أن أستقل القطار إلى صلالة، والطائف، والعين، ربما بعذر حضور مباراة، أو استطلاع المكان والإنسان. ذات يوم أكلت وجبة غداء في بيت أحد الأصدقاء العمانيين في مسقط، أسرني أسلوب تقديم الأطباق الكثيرة والصغيرة، أما المذاقات، فقد كانت حكاية أخرى لا زالت حاضرة. الكبسة الإماراتية تختلف عن البحرينية، إلا أنها غاوية (لذيذة بالإماراتي) إلا أن كبستنا أفضل من الإماراتية والسعودية. والسليق في الطائف من خرافات الزمن (على ذمة صديق)، إلا أنني جربت الطبق في أحد المطاعم النجدية، وبقيت تجربة خبز المله (خبز التمر) الذي يقدم مع السمن والعسل.
ثقافتنا غنية، إلا أننا في حاجة لتقديم هذا التنوع الجميل إلى أبنائنا عبر وسائط محسوسة وملموسة، وأغلب شباب اليوم قد سمع عن قصص نجاحات كبري، نتيجة الحركة بين الجغرافيا الخليجية اجتماعياً، حتى قبل النفط. والآن، نحن نملك أن نعطيهم فرصة للتعرف على تاريخهم القادم عبر المشاركة في صناعته، إن نحن أتقنا أهمية التفكير خارج إطار التقليد (المنهجية التقليدية).
*كاتب بحريني