أشارك في نقاشات البرنامج الانتخابي للحزب «الديمقراطي» منذ أكثر من ثلاثة عقود، وأشعر بالذهول حقيقة، لأن الحزب يخطئ باستمرار بخصوص الفقرة المتعلقة بإسرائيل/فلسطين؛ يخطئ لأن المواقف المعبّر عنها منفصلة تماماً عن الواقع السياسي على الأرض، ويخطئ أيضاً لأن اللغة التي يتبناها غير متسقة مع آراء الناخبين «الديمقراطيين». وللأسف، ينطبق هذا الأمر على هذا العام أيضاً، فعلى الرغم من بعض التقدم الهامشي في لغة برنامج 2020 الانتخابي، إلا أن هذا الأخير ما زال متأخراً زمنياً بـ20 عاماً ومنفصلاً عن آراء الناخبين «الديمقراطيين». 
وقبل أن أتناول الجزء المقترح حول إسرائيل/فلسطين في برنامج هذه السنة، لنلقي نظرة على ما تضمنته البرامج الانتخابية السابقة بخصوص هذا الموضوع. 
في 1988، قدمتُ نيابة عن «جيسي جاكسون» تعديلاً للبرنامج الانتخابي يدعو إلى «اعتراف متبادل، وتنازلات وتوافقات بخصوص الأراضي، وتقرير المصير لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين»، ولكن معدّي مسودة البرنامج الانتخابي لم يرفضوا هذه الصيغة المعتدلة فحسب، وإنما اتهمونا أيضاً بمحاولة تدمير الحزب «الديمقراطي»، ولكنهم كانوا مخطئين. 
آنذاك، كان الفلسطينيون وسط الانتفاضة الأولى، وكان الرأي العام الأميركي قد بدأ يتغير بسبب القوة غير المتناسبة، التي كان يستخدمها الإسرائيليون من أجل إخماد الثورة؛ إذ أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «ذي أتلنتا جورنال كونستيتيوشن» أن 70 في المئة من «الديمقراطيين» كانوا يدعمون موقفنا، ولكن قيادة الحزب كان تعارض بشدة أي تغييرات. 
وفي 1996، خلال السنوات الأولى لعملية أوسلو، تضمنت مسودة البرنامج الانتخابي للحزب بنداً يدعو إلى «قدس غير مقسّمة» عاصمة لإسرائيل، ووجدتُ ذلك مقلقاً لأنه في تلك اللحظة بالذات كان إدارة كلينتون تحذّر كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين من الإقدام على أي «خطوات أحادية الجانب، يمكن أن تحسم سلفاً قضايا الوضع النهائي»، (والقدس كانت واحدة من تلك القضايا)، فاتصلتُ آنذاك بساندي برغر، مستشار كلينتون للأمن الوطني، وعبّرت له عن قلقي من أن يؤدي ذلك إلى تقويض موقف الإدارة، فشاطرني الرأي، ولئن كان غير قادر على التدخل في عملية إعداد البرنامج الانتخابي، فإنه أرسل المتحدث باسم وزارة الخارجية لتلاوة بيان على لجنة البرنامج الانتخابي، ينأى بالبيت الأبيض عن موقف الحزب بشكل واضح، وكان ذلك حرجاً يمكن تجنبه. 
وفي 2012، لم يكن برنامج الحزب الانتخابي في البداية يتضمن أي إشارة إلى هذه اللغة بخصوص القدس فسُررنا بذلك، ولكن في اليوم الذي تلا اعتماد المؤتمر للبرنامج، صعد رئيس لجنة البرنامج الانتخابي إلى المنصة، ليعلن عن تعديل أضيف في آخر لحظة يعلن «القدس الموحدة عاصمة غير مقسّمة لإسرائيل»، ولثلاث مرات دعا إلى تصويت بالأصوات لاعتماد التغيير، وفي كل المرات الثلاث كان التصويت بـ«لا» هو الذي يفوز. غير أن الرئيس، الذي كان واضحاً أنه كان منزعجاً، قرر إعلان أن التصويت بـ«نعم» هو الفائز، لينفجر بذلك المؤتمر مندداً ومستهجناً القرار. 
وفي 2016، شاركتُ في جهد إعداد مسودة البرنامج الانتخابي ووقفتُ، من جديد، على مدى انفصال قيادة الحزب عن الواقع، فحينما طلبتُ إدراج معارضة الاستيطان في البرنامج الانتخابي، قيل لي إن الحزب لا يريد تقرير قضايا الوضع النهائي، وحينما رددت عليهم بأنه ينبغي ألا نشير إلى القدس، قوبل اعتراضي بصمت محرج، وعلى هذه الخلفية قاربت برنامج 2020 الانتخابي، وكان عبارة عن خليط متنوع. 
ذلك أن هناك لغة تخلق لأول مرة درجة من الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، وتحاول عكس قلق متوازن بشأن كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن الوثيقة تعترف (لأول مرة!) بحق الفلسطينيين في دولة وتَعد بإلغاء الضرر الذي تسببت فيه إدارة ترامب، كما تدعو إلى إعادة المساعدات الأميركية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية التي لطالما خدمت الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والعمل على إعادة فتح البعثة الفلسطينية في العاصمة واشنطن، ولكن الدعوة إلى دولة بعد عقدين أو الوعد بالعودة إلى الوضع الذي كان قائماً ليس جيداً بما يكفي. 
كما أن هناك مجالاً تحقق فيه تقدماً مهماً بخصوص حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات من أجل الحقوق الفلسطينية، وإذا كان برنامج هذه السنة يبقي على لغة مثيرة للإشكاليات من 2016 تنص على معارضة «أي جهد يروم نزع الشرعية عن إسرائيل، بما في ذلك في الأمم المتحدة أو من خلال حركة المقاطعة»، فإن اللافت أيضاً أنه يضيف التزاماً بـ«حماية الحق الدستوري لمواطنينا في حرية التعبير»، المنظمات المؤيدة لإسرائيل تحاول تصوير هذا الأمر على أنه انتصار، ولكن الأمر شبيه ببرنامج للحزب «الجمهوري» يقول: «إننا نعارض الإجهاض، ولكننا نؤيد حق المواطنين في الاختيار بأنفسهم بخصوص هذه المسألة». 
غير أنه حتى مع هذا التقدم، ما زالت هناك مجالات مهمة، حيث لا يرقى البرنامج إلى ما ينبغي أن يكون عليه.
وعلى سبيل المثال، لا أفهم لماذا عارضت لجنة البرنامج الانتخابي من جديد إدراج أي إشارة لكلمة «احتلال» في الوثيقة، رغم أن كل زعيم «ديمقراطي» (بمن فيهم الرئيس أوباما، وهيلاري كلينتون، وجو بايدن)، سبق له أن تحدث عن الحاجة إلى إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي المفروض على الفلسطينيين. 
وختاماً، أقول: إن الإدارات الأميركية المتعاقبة دعت، على مدى عقود قبل عهد ترامب، إلى إنهاء الاحتلال وعبّرت عن معارضتها للاستيطان؛ ولكنها فعلت القليل أو لم تفعل شيئاً لدعم كلامها، واليوم، الأغلبية الساحقة من أعضاء الكونجرس «الديمقراطيين» تقول إنها ترفض ضم إسرائيل لأراض فلسطينية، ولكن ولأن هؤلاء المشرِّعين أنفسهم كانوا يرفضون بالضبط القول إنه ستكون هناك عواقب، إذا أقدمت إسرائيل على ضم المستوطنات أو واصلت توسيعها، استمرت إسرائيل في تجاهل ما تقوله الولايات المتحدة، ذلك أنه حينما لا تكون هناك عواقب للسلوك السيئ، يستمر السلوك السيئ.