جمعني حديث جانبي بمن كان في تماس مع مشروع الطاقة النووية النظيفة في الدولة، وكان التركيز على المقارنة الواقعية بين الطاقة النووية والطاقة الشمسية، فكان حصيلة النقاش أن هذا المشروع مداه آماد المستقبل، وهي في عين خطط الدولة وبصيرة القيادة الرشيدة، وعقل المخطط ووعي كل القائمين على مبادرات الاستدامة في الحكومة الاتحادية، إضافة إلى الحكومات المحلية.
أهم ميزة للمحطات النووية الأربعة في «براكة» بمنطقة الظفرة، أنها الأحدث نسخة من كل المحطات الموجودة في العالم، بما في ذلك المحطات الكورية الجنوبية ذاتها، علماً أن كوريا الجنوبية هي المنتج الرئيسي لمفاعلات المحطة.
وهذا يعني بأن أنظمة الأمن والأمان فيها عالية الدقة والجودة، من أجل ألا تقع في أخطاء أو خلل المحطات السابقة لها في النشأة بمختلف دول العالم.
وبخصوص مسألة التكلفة مقارنة بألواح الطاقة الشمسية، فإن ميزة الطاقة النووية تكمن في أنها تستعيد تكاليفها في وقت أسرع من محطات الطاقة الشمسية، التي أيضاً لم تغفل عنها الإمارات، بل هذا النوع من الطاقة النظيفة المتجددة حاضر بقوة في خطط الطاقة الراهنة والمستقبلية، فالطاقتان النظيفتان تمضيان قدماً لأداء الدور ذاته في التنمية المستدامة.
وكذلك تتميز هذه الطاقة النظيفة بتلبية كل متطلبات الدولة لعقود طويلة مقبلة، فهي ستغطي ربع حاجة الدولة من الكهرباء، بعد استكمال تشغيل المحطات الثلاث الأخرى.
ويضاف إلى ذلك سهولة عمليات البيع والتوزيع إلى بقية هيئات ومؤسسات الكهرباء التقليدية في كافة مناطق الدولة، وفي هذا الإطار لا ينبغي أن ننسى بأن مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي، قائم على مثل هذه المحطات النووية، التي ستوفر الطاقة الكهربائية في المستقبل القريب لجميع مواطني ومقيمي سكان دول المجلس.
وهو هدف متفق عليه بين قادة دول المجلس منذ أكثر من أربعة عقود، وجاء الوقت المناسب للشروع في تنفيذ هذه الرؤية المستقبلية، وخاصة إذا انتهت الشقيقة الكبرى للخليج من بناء محطاتها النووية الثمانية، وهذه المشاريع ستكون نواة استراتيجية للربط الكهربائي مع بقية الدول العربية، وهي امتدادنا الطبيعي في كل النواحي.
إمارات الأمس واليوم والغد، والمستقبل الأبعد، في سباق مع العالم في مضمار التقدم، فهي تسابق الزمن بسرعة «مسبار الأمل»، وتسارع في الخيرات في ميدان الإنسانية، وهي الأولى عالمياً لست سنوات متتاليات، وهي تحصن الدولة بهذا العمل المستدام.
فمن هذا المنطلق، يحق لها الفخر بشهادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، عندما يقول بأن «نجاح كوادرنا الوطنية في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية إنجاز نفخر به».
وبناء على تحقيق هذا الافتخار، غرّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، قائلاً: «نعلن عن نجاح دولة الإمارات في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، وذلك في محطات براكة للطاقة النووية بأبوظبي.. نجحت فرق العمل في تحميل حزم الوقود النووي، وإجراء اختبارات شاملة، وإتمام عملية التشغيل بنجاح، أبارك لأخي محمد بن زايد هذا الإنجاز، رسالة للعالم بأن العرب قادرون على استئناف مسيرتهم العلمية.. ومنافسة بقية الأمم العظيمة.. لا شيء مستحيل». 
وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «رعاه الله»، هذه المسيرة التنموية في تغريدته: «حققنا نقلة نوعية في قطاع الطاقة الإماراتي، وخطوة مهمة على طريق استدامة التنمية، بأيدي كفاءاتنا الوطنية.. براكة إنجاز حضاري وتنموي تضيفه الإمارات إلى رصيد إنجازاتها المتفردة». 
ولقد سارعت مصر العروبة والإسلام، إلى تقديم التهنئة المناسبة للحظة التاريخية في تشغيل هذه المحطة الفارقة، حيث غرد الرئيس السيسي، قائلاً: «أهنئ دولة الإمارات الشقيقة، وأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على بدء تشغيل محطة براكة، وهو إنجاز جديد يُضاف إلى سجل إنجازاتها، يجسد الحلم المنشود لتكون الأمة العربية صاحبة ريادة وتفوق وتميز في جميع المجالات التي تخدم الإنسانية».