تضيف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سجلها المشرِّف في العمل الخيري وتقديم المساعدات إلى المحتاجين فصلاً جديداً، متمثلاً في جهود «مؤسسة سقيا الإمارات» التي أكملت خمسة أعوام من العمل المتصل، تطور فيها أداؤها وتوسَّعت آفاقه، وتوالت الأفكار والمبادرات التي تكتسب الزخم والفاعلية والإبداع من التوجيهات المباشرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومتابعته الحثيثة لأنشطتها.
لقد اختيرت المياه مجالاً للمساعدة، بناءً على إدراك واعٍ للحاجة الملحّة إلى المياه النظيفة في مناطق كثيرة من العالم، وفداحة الآثار المترتبة على غيابها، حيث تقدِّر الأمم المتحدة أن نحو 1.5 مليون طفل، معظمهم دون الخامسة، يفقدون حياتهم سنوياً بسبب نقص المياه والمياه الملوثة، ويعيش معظمهم في بلدان نامية يحول ضعف إمكانياتها دون تأمين المياه اللازمة، الأمر الذي يتسبّب في انتشار أمراض فتاكة مثل الإسهال، والكوليرا، والتيفوئيد.
وينطوي اختيار لفظ «السُّقيا» على استحضار للجذور العربية والإسلامية، إذ اعتبر القرآن الكريم الماء أصلاً للحياة، وأعلت الأحاديث النبوية الشريفة من قدر السُّقيا، كما في قول النبي، صلى الله عليه وسلَّم، مجسِّداً أسمى معاني الرحمة التي تشمل كل الكائنات: «من حفر بئر ماء، لم يشرب منه كبد حرى من جنّ ولا إنس ولا طائر، إلا آجره الله يوم القيامة». وقد أكَّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، على هذه الجذور في تغريدة بتاريخ 29 يناير 2020، استهلها بقوله: «أفضل الصدقة سقيا الماء».
وتدخل «مؤسسة سقيا الإمارات» عامها السادس مرتكزة إلى صرح من الإنجازات، حيث استفاد من عملها «أكثر من 13 مليون شخص في 36 دولة، ونفذت ما يزيد على 1000 مشروع مياه مستدام في مختلف أرجاء العالم حتى الآن، بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين: هيئة كهرباء ومياه دبي، وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، وجمعية دار البر». وتشرح «مؤسسة سقيا الإمارات» على موقعها الإلكتروني، طريقة تقديمها المساعدات بقولها: «قبل تنفيذ مشروعٍ ما، نحرص دائماً على تقييم احتياجات المجتمع وظروفه، ونأخذ بعين الاعتبار حجم المجتمع، وكثافته السكانية، وتوافر الموارد المائية وجودتها وتضاريس المنطقة ومناخها، وذلك لتحديد أفضل الحلول والتقنيات اللازمة لتوفير مياه شرب آمنة».
وتبدو في الفقرة السابقة بعض ملامح «وصفة النجاح» الإماراتية، بدءاً من العمل التعاوني الذي تشترك فيه مؤسسات وطنية قادرة على تنسيق الأدوار واستثمار أقصى الإمكانيات لدى كل منها، والاقتدار الإداري الذي يتيح إدارة مجموعة واسعة من العمليات والمشروعات في مناطق مختلفة من العالم، وإجراء كل ما يلزم من دراسات مجتمعية وبيئية وديموغرافية لتحديد ظروف العمل وتحدياته، واختيار أفضل الوسائل التي تحقق الأهداف. كما تمتدّ الشراكات وأشكال التعاون المختلفة إلى كثير من المؤسسات المحلية في البلدان المُستهدفة بالمساعدة.
وإذا كانت كل خطط العمل تضع أهدافاً وتعتبر تحقيقها بالكاد نجاحاً تعتز به، فإن «سُقيا الإمارات» حققت أهدافاً تتجاوز ما كان مخططاً له بكثير، إذ أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، عام 2014، بوصفها مبادرة لتوفير المياه النظيفة لـ 5 ملايين إنسان حول العالم، لكنها جمعت تبرعات وفرت مياه الشرب النظيفة لأكثر من 7 ملايين شخص، ثم إلى 13 مليون شخص حتى الآن. وتعكس هذه الحقيقة تأصُّل العمل الخيري في مجتمع دولة الإمارات، والتسابق إلى المشاركة في الجهود الإنسانية، وهو ما ساعد على تحوُّل المبادرة عام 2015 إلى «مؤسسة»، تتوالى مشروعاتها وبرامجها الناجحة في أنحاء العالم، وينضمّ إلى قائمة المستفيدين منها ملايين من البشر في كل عام، تظلّلهم شجرة الخير الإماراتية المباركة.