حلّت الذكرى الثلاثون لغزو العراق للكويت الأسبوع الماضي، والذي بسببه حُسب للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب إنجاز يتمثل في نجاح قوات التحالف، تحت القيادة الأميركية، في دحر قوات صدام حسين وإخراجه من الكويت بعد عملية «عاصفة الصحراء» عام 1991. وهذا ما جعل الأميركان ينظرون بعين الرضا تجاه بوش الأب، حيث إن هذا الانتصار يعتبر فريداً لهم منذ الحرب العالمية الثانية، والتي من بعدها لم تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق نصر عسكري بالمعنى الشامل خلال كافة حروبها اللاحقة، باستثناء حرب تحرير الكويت، وإن لم يتم الإطاحة بصدام لأسباب تكتيكية. وكان من المؤكد أن «الجمهوري» بوش سيفوز بسهولة على غريمه المغمور حينها، «الديمقراطي» بيل كلينتون، في انتخابات 1992، لكن حدث العكس!
بوش الأب قدّم للأميركيين انتصاراً عسكرياً، وفي الوقت نفسه عجز عن إيجاد حل لحالة الركود الاقتصادي التي كانت تعاني منها البلاد، مع ارتفاع معدلات التضخم وتردي الأوضاع المعيشية، وزيادة حالات الإفلاس.. وهي الفرصة التي استغلها كلينتون في حملته الانتخابية، عندما رفع شعاراً تحت عنوان «إنه الاقتصاد يا غبي». وبالفعل، حقق انتصاراً مذهلاً على السياسي المخضرم جورج بوش. بمعنى أن الاقتصاد هو اللاعب الرئيس في الانتخابات الأميركية، وهو الورقة التي يرغب «الديمقراطيون» في لعبها حالياً أمام «الجمهوريين» في انتخابات نوفمبر 2020، أي إعادة استخدام شعار اقتصادي شبيه بشعارهم عام 1992. لكن الوضع اليوم يختلف عن الأمس، فترامب يمتلك من الخبرة الاقتصادية ما يكفي، خلافاً لبوش الأب محدود الخبرة.
يرى بعض المراقبين أن فرص ترامب للفوز بفترة رئاسية ثانية تصطدم بتعامله مع جائحة فيروس كورونا، وسط عدم رضا العديد من المواطنين الأميركيين عن سياسته، حيث ارتفعت البطالة إلى مستويات قياسية. كما تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى انكماش الاقتصاد الأميركي بمعدل قد يصل 5.9% خلال العام الجاري، وهي نسبة بالغة الخطورة للاقتصاد الأميركي. ورغم هذا، يرى البعض أن ترامب أجاد في إدارة الأزمة الاقتصادية، ويرون أنه حتى المرشح الديمقراطي «جو بايدن» لن يقدّم أكثر مما قدّمه ترامب أمام هذه الأزمة التي ضربت العالم بأسره جراء جائحة كورونا، وأن أزمة ترامب تتمحور حول طريقته في الهجوم وتشويه صورة المرشح الآخر، وأنه يهتم فقط بالتشويه على حساب التحدث بعقلانية، بدليل أنه نجح مسبقاً على هيلاري كلينتون بنفس الطريقة ونفس الشخصية المثيرة للجدل عام 2016.
لكن ربما كان الأمر غير الاعتيادي هو ارتفاع حدة الهجوم بالشكل الذي نراه الآن من مرشح تجاه الآخر، وإن كان هذا غير مستغرب على ترامب الذي اعتاد الهجوم بشكل عنيف على العديد من الأشخاص المختلفين معه، حتى وصل الأمر معه إلى هجومه على موقع «تويتر». وفي الجانب الآخر نرى بايدن يهاجم ترامب، وإن كان ليس بنفس الحدة، مع اختلاف السمات الشخصية بين الاثنين، حيث يتبادل كلاهما التراشقات والاتهامات في علاقة كل منهما بجمهورية الصين الشعبية في الخفاء. ويرى بايدن أن ترامب هو الرئيس الأكثر ضعفاً أمام الصين، وأن الحرب التجارية التي شنها عليهم أضرت كثيراً بالاقتصاد الأميركي، بينما يرى ترامب أن بايدن له مصالح شخصية مع الصين.
المرشحان في حالة سباق لن ينتهي إلا بإعلان النتيجة النهائية، وبالنظر إلى سياسة ترامب الاقتصادية، فهي في المقام الأول من اهتمامات المواطن الأميركي، أما بايدن فأقصى ما يستطيع تقديمه هو الوعود التي قد ينجح في تنفيذها أو لا ينجح، ومن هنا يأتي الرأي بأن التأثير الأقوى سيكون لمن يقبع تحت المجهر، وهو الرئيس الحالي دونالد ترامب.

*كاتب إماراتي