حققت دولة الإمارات العربية المتحدة، في أقل عن شهر، إنجازين عالميين وضعا أسس ريادتها في المستقبل القريب على مستوى العالم العربي خاصة والشرق الأوسط عامة بجانب بقية الإنجازات التي تحققها الإمارات منذ تأسيسها. ففي العشرين من الشهر الماضي تم الإطلاق الناجح لـ«مسبار الأمل»، والذي سيقطع 493 مليون كيلو متر نحو كوكب المريخ لتضع دولة الإمارات بصمتها التاريخية من خلال ذلك الإنجاز الفضائي غير المسبوق على مستوى الوطن العربي، لتصبح أول مهمة فضائية لاستكشاف الكواكب، تقودها دولة عربية. ‬ثم ‬جاء ‬الأول ‬من ‬أغسطس ‬الحالي ‬لتعلن ‬«مؤسسة ‬الإمارات ‬للطاقة ‬النووية» ‬عن ‬تحقيق ‬الإنجاز ‬التاريخي ‬الثاني ‬للإمارات، ‬الذي ‬تمثل ‬في ‬نجاح ‬«شركة ‬نواة» ‬للطاقة ‬التابعة ‬للمؤسسة ‬والمسؤولة ‬عن ‬تشغيل ‬وصيانة ‬محطات ‬«بّراكة» ‬للطاقة ‬النووية ‬السلمية، ‬في ‬إتمام ‬عملية ‬بداية ‬تشغيل ‬مفاعل ‬المحطة ‬الأولى. 
وتأتي الأهمية التاريخية للحدثين، «مسبار الأمل» ومفاعل محطة برّاكة، باعتبارهما يعكسان إنجازات المواطن الإماراتي في الفضاء وعلى سطح الأرض في رسالة واضحة لشعوب العالم بأن الإمارات دولة أفعال ترسم مساراً واضحاً نحو الريادة في المستقبل، وتضع مقدراتها وثروتها البشرية من المواطنين في خدمة العلم والعالم. ولقد لخص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، نجاح الكوادر الوطنية في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي بمحطة «براكة»، بأنه «إنجاز نفخر به»، مع تأكيد سموه على أن «هذا الإنجاز، الذي يأتي بعد أيام قلائل من إنجاز مسبار‏‭ ‬الأمل، ‬يؤكد ‬أن ‬دولتنا ‬بسواعد ‬أبنائها ‬تخطو ‬خطوات ‬مدروسة ‬في ‬مسيرة ‬بناء ‬المعرفة ‬في ‬المجالات ‬كافة».
ولقد تحققت تلك المقولة من خلال إطلاق «مسبار الأمل»، والذي نجح المواطن الإماراتي في تطوير 200 تصميم تكنولوجي علمي جديد وتصنيع أكثر من 66 قطعة ميكانيكية من مكونات «المسبار» في الإمارات، الأمر الذي سيساهم في رسم أول خريطة عالمية للغلاف الجوي للمريخ، ودراسة أسباب فقدان الكوكب معظم مياهه. أما على صعيد مفاعل «براكة» للطاقة النووية السلمية، فسوف يساهم في توفير كهرباء صديقة للبيئة بجانب تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الازدهار والنمو، وتطوير الاقتصاد المعرفي، وخفض البصمة الكربونية، ودعم إنتاج الكهرباء، وأمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز استراتيجية 2050. وقد ساهم في إنجاز ذلك المشروع جيل من المواطنين الذين تم اختيارهم وتأهيلهم علمياً وعملياً ليديروا قطاع الطاقة النووية السلمية في الإمارات. ولقد تحقق ذلك من خلال توطين أكثر من 60% من موظفي «مؤسسة الإمارات للطاقة النووية»، بجانب برنامج «رواد الطاقة»، الذي يركز على جذب وتدريب طلاب العلوم وخريجي كليات الهندسة والمهنيين من ذوي الخبرة، وتوفير البيئة المثالية لهم ليصبحوا رواداً في قطاع الطاقة النووية، ولقد وصل عدد خريجي البرنامج حتى الآن أكثر من 380 مواطناً ومواطنة. 
واللافت للنظر أن إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال استكشاف كوكب المريخ وتدشين محطات براكة للطاقة النووية السلمية قد تم التخطيط لها منذ سنوات، ولم تتوقف سواء لأسباب تتعلق بتقلبات أسعار النفط العالمية أو جائحة فيروس كورونا المستجد – كوفيدـ 19، كما حدث في مشاريع وخطط العديد من دول العالم. ولذلك يبرهن نجاح الإمارات في إطلاق «مسبار الأمل» وافتتاح أولى محطات برّاكة للطاقة النووية السلمية على أن قيادة الدولة قد قامت بتوفير كافة أنواع الدعم لتلك المشاريع بجانب دراسة المخاطر التي قد تحدث وتتسبب في عرقلتها، وبالتالي يستمر المواطن الإماراتي في صنع تميزه حاضراً ووضع أسس ريادته في المستقبل.