بعد إطلاق مسبار الأمل في رحلته نحو المريخ، تعلن الإمارات عن نجاحها في تشغيل محطاتها الأولى لأول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، وذلك في محطات برّاكة للطاقة النووية بأبوظبي، والتي أصبحت جاهزة للربط مع شبكة الكهرباء، وإنتاج الطاقة الصديقة للبيئة.
وهي لا شك بشارة جديدة تضاف إلى رصيد دولة الإمارات، التي وجهت قيادتها ببناء اقتصاد قوي قوامه ليس النفط فقط، إنما التركيز على مصادر الطاقة المتجددة النظيفة. وقد أشارت CNN إلى هذا المنجز، بوصفه أحد أكبر المشاريع النووية في العالم، والذي يعكس جهود الإمارات المستدامة الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة.
محطة برّاكة في حقيقة الأمر هي نقلة نوعية في قطاع الطاقة، تدعم التنوع الاقتصادي من خلال توفير آلاف الوظائف المرتبطة بتطوير قطاع الطاقة النووية، وإلى جانب ذلك – وهذا مهم للغاية – أنها ستنتج 25% من كهرباء الإمارات، بحيث يوفر المشروع طاقة المنازل والشركات والمنشآت الحكومية، واللافت أيضاً أن المشروع سيخفّض البصمة الكربونية بواقع 21 مليون طن سنوياً، أي ما يعادل ما تنتجه 3.2 مليون سيارة من الكربون.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصف هذه الخطوة بأنها (إنجاز حضاري وتنموي تضيفه الإمارات إلى رصيد إنجازاتها المتفردة)، كما اعتبرها سموه نقلة نوعية في قطاع الطاقة الإماراتي، وخطوة مهمة على طريق استدامة التنمية.
صحيح أن الإمارات استعانت بخبرات أجنبية متمكّنة في مجال الطاقة، إلا أن الكفاءة الوطنية كانت حاضرة في هذا المشروع الحيوي، من خلال مهندسيها وفنييها وإدارييها وغيرهم من الشباب الإماراتي من الجنسين، فجميعهم ساهموا في إتمام العمليات الإنشائية للمحطة، إلى جانب مديري التشغيل والمشغلين الإماراتيين، الذين تحمّلوا مسؤولية تشغيل المحطة بأمان.
وهذه نقطة الحريّ بنا التوقف عندها، فقد أصبح لدى الإمارات شباب دخلوا مختلف التخصصات العلمية، وباتت لديهم خبرة جيدة في العلوم المتقدمة، وهو ما يعكس اهتمام الحكومة بتأهيل أبنائها، وتمكينهم من الدراسة الأكاديمية في أهم الجامعات العالمية، ليكونوا قادرين على خدمة بلدهم.
ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى دور «مؤسسة الإمارات للطاقة النووية»، التي وضعت ضمن أجندتها خطة بناء وتطوير الكادر البشري، فجعلت هذه المسألة على رأس أولوياتها الخاصة بمشروع الطاقة النووية السلمي في الإمارات، بهدف ضمان توفير الخبراء المؤهلين لقيادة هكذا مشروع استراتيجي، من شأنه أن يمكنّهم من أن يصبحوا رواداً في هذا المجال على المستوى العربي.
إن الإمارات وفي كل يوم يمضي عليها، تبرهن على أن اﻵمال والطموحات مهما كبرت وبدت مستحيلة التحقق، إلا أنها في واقع الأمر، وبفضل الدعم الحكومي المستمر الوصول إليها ممكن، في ظل حضور العقول، والإمكانات، والدعم اللوجستي.
ومثلما بدا حلم الاتحاد مستحيلاً في وقت من الأوقات، إلا أن القادة المؤسسين اﻷوائل تجاوزوا جميع الصعوبات بالحكمة والعمل الجاد للوصول إلى الدولة، التي اعترف بها العالم، كذلك الأمر بالنسبة لما جاء بعد الاتحاد من أعمال بناء وتنمية، إلى أن وصلنا اليوم إلى عصر الفضاء والطاقة الصديقة للبيئة، وإلى زمن أصبحت الإمارات فيه حاضرة في مجالات كانت حكراً على الغرب وبعض دول آسيا كاليابان والصين وكوريا، نظراً لما تملكه تلك الدول من إمكانات عظيمة في هذين المجالين بالتحديد، أي الطاقة النظيفة وعلوم الفضاء.
ومن وحي الإنجاز الذي وصلت إليه دولتنا، أقول:
إلى المعالي.. دايماً يا بلادي * بالعزم ما نرضا بغير الصدارة
في كل يوم إنجاز ما هو بعادي* ننافس العالم ونصنع حضارة