مفتاح نجاح «جو بايدن» القادم بسيط ومعقد في آنٍ معاً، من خلال جذب الناخبين الأكبر سناً، وهم من مكونات الشعب الأميركي، الذين فقدهم «الديمقراطيون» في عام 2016. ونظرية «بايدن» عن تردد ناخبي «ترامب»، هي النظرية ذاتها عن أعضاء مجلس الشيوخ «الجمهوريين» المترددين، حيث يعتقد أنهم يريدون الشعور بأن التصويت لصالحه يأتي لأنه سياسي محنك يفهم خبايا السياسة في الداخل والخارج، وليس تصويتاً للحزب «الديمقراطي»، وهو ممثل الطبقة الوسطى، وليس مناهضاً لقيم وقناعات الحزب «الجمهوري» القديم، ويرفض اختيار جانب في أكثر المعارك سخونةً في السياسة الأميركية.
وقد قاوم «بايدن» الدعوات إلى إلغاء التأمين الخاص، وإلغاء تجريم الهجرة، وإلغاء تمويل الشرطة، وإنْ كان ذلك لن يجعله يكسب نقاطاً إيجابية مع «اليسار»، لكنه حَرم «ترامب» من إجابات واضحة يحتاجها ليستخدمها ضد «بايدن» في المناظرات الرئاسية. 
«بايدن» يتعامل مع ناخبي «ترامب» على أنهم ائتلاف يمكن كسره، وهو يمثّل للغالبية من البشرة البيضاء الأوروبية الرجل الأبيض المسن من بنسلفانيا، الذي يعمل بجدّ، ولا يتوقف عن الكفاح للوصول لمبتغاه، أي أنه يمثل قيمة أميركية مهمة تلعب دوراً كبيراً في استمالة الناخبين الأكبر سناً من البيض الذين يشكلون قاعدة «ترامب»، والأمر الآخر هو سياسة «ترامب» في ملفات عديدة حيّدت أميركا عالمياً، وأفقدتها موقعها القيادي في العالم، وجعلت التكتلات ضدها تكبر كل يوم، وتفقدها مصداقيتها مع أصدقائها وحلفائها التقليديين، ناهيك عن سوء الإدارة لملفات حيوية تمسّ المصالح الأميركية العليا، كالفشل في التعامل مع وباء كورونا.
«ترامب» لا يملك خطة لإعادة أميركا قوة عالمية، وكيف يكون له خطط في هذا الجانب، وهو لا يملك خطة لإعادة فتح المدارس، باستثناء المطالبة بفتحها والادعاء بأنها لا تفتح أبوابها لأسباب سياسية، وليس بسبب المخاوف الصحية والبنية التحتية التي يشكّك بها معظم الآباء والموظفين.
وكان سقوط القطاع الطبي الدراماتيكي مؤخراً، وفشل «ترامب» في التعاطف والدعم الكافي لضحايا الجائحة، هي القشة التي قصمت ظهر البعير وفقدان الشعب الأميركي الثقة في قيادة «ترامب» للملفات الحرجة على جميع الصعد، خاصةً أن هناك أزمات أخرى تلوح في الأفق، والحاجة لنجاح التقاليد الديمقراطية الأميركية ومبادئها التي حدث لها زلزال «ترامبي». 
والشعب الأميركي يريد القائد الذي سيثبت للعالم أن الولايات المتحدة مستعدة للقيادة مرةً أخرى، وتحقيق النجاح الاقتصادي، والمنافسة على المستقبل مع الصين، أو التعاون معها للقيادة المشتركة، والقبول أن المستقبل للصين، وتحديد دور أميركا في هذا المستقبل، دون تهديد المكانة الأميركية من خلال بدائل ذكية، تجعلها شريكاً في الهيمنة على العالم.
الشعب الأميركي يريد أيضاً تحقيق الأمن الاقتصادي، كأساس للأمن القومي، وأن تقود الولايات المتحدة في مجال الابتكار مجدداً، وعدم التخلف عن الصين وغيرها، عندما يتعلق الأمر بالطاقة النظيفة، والحوسبة الكمومية، والذكاء الاصطناعي و5G، والسباق لعلاج الأمراض القاتلة، وعودة تنافس الشركات الأميركية عالمياً، وإزالة الحواجز التجارية التي تعاقب الأميركيين قبل غيرهم، وعدم الدخول في صراعات واتفاقيات تجارية جديدة، قبل أن يستثمر في الشعب الأميركي ويتم تجهيزه للنجاح في الاقتصاد العالمي. الأميركيون يريدون أن تلعب بلادهم دوراً قيادياً في كتابة القواعد وصياغة الاتفاقيات، وتحريك المؤسسات التي توجّه العلاقات بين الدول، وكل ذلك يعني أهمية أن تكون الدبلوماسية الأداة الأولى للقوة الأميركية لتحقيق التعافي الجزئي لاقتصادها، وسيكون ذلك سر إحداث التغيير.