بدأ سعي دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ضمان حصول العاملين فيها على كامل أجورهم من دون أي تأخير منذ وقت مبكر، حرصاً منها على توفير بيئة عمل آمنة وضمان استقرار علاقات العمل فيها. وتجسَّد هذا السعي في تطبيق «نظام حماية الأجور» (wps) منذ عام 2009، على ثلاث مراحل، ليُتاح للمؤسسات والشركات توفيق أوضاعها. وفي عام 2016، طُبِّق النظام بصورة كاملة، مع صدور القرار الوزاري رقم 739 لعام 2016 الذي ألزم كل المنشآت المسجلة لدى وزارة الموارد البشرية والتوطين بسداد أجور العاملين لديها في تاريخ استحقاقها. وقد أشادت «منظمة العمل الدولية» بإجراءات الدولة، إذ كانت المنظمة شريكاً في العمل الدؤوب من أجل ضمان حقوق العمال.
ونظام حماية الأجور هو نظام إلكتروني تُحوَّل من خلاله أجور العاملين إلى البنوك أو مكاتب الصرافة أو المؤسسات المالية المصرَّح لها بتقديم الخدمة. ويغطي هذا النظام جميع المؤسسات المسجلة لدى وزارة الموارد البشرية والتوطين في مختلف الأنشطة، ويستفيد منه بشكل خاص المنتمون إلى فئة العمالة متدنية المهارة، لأنهم معرَّضون أكثر من غيرهم لتأخير الأجور أو الانتقاص منها أو عدم الحصول عليها.
ومع تفاقم تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد على سوق العمل في دولة الإمارات وفي العالم بأسره، وما أدت إليه من خسائر جسيمة نتيجة ظروف الإغلاق وتعطُّل المشروعات والقيود التي فُرضت على التنقل والحركة بين دول العالم وداخل الدول ذاتها، فقد واجه العمال في دول كثيرة من العالم مشكلة تأخر الرواتب وتخفيضها والإجبار على بدء إجازات طويلة غير مدفوعة الأجر أحياناً. وقد تحركت وزارة الموارد البشرية والتوطين في أبريل 2020، بعد فترة وجيزة من بدء أزمة كورونا، لتؤكد ضرورة التزام منشآت القطاع الخاص بسداد أجور العاملين لديها، وفقاً لما تنص عليه عقود العمل، وفي وقتها المحدد. وأكدت الوزارة أنها لن تعتدَّ بأي خفض مؤقت أو دائم للرواتب، أو إلزام للعاملين ببدء إجازات مبكرة، دون توثيق ذلك وفقاً لما تنص عليه القوانين، وهو ما يعني ضرورة موافقة العامل على كل إجراء يُتَّخذ بشأنه، ووصول حقوقه إليه دون انتقاص.
ووفقاً لما أفادت به وزارة الموارد البشرية والتوطين في تقارير صحفية نُشرت، الأحد 9 أغسطس 2020، فإنها قد مضت خطوات أبعد في التأكد من حصول العمال على حقوقهم مع بدء الأزمة، إذ طالبت الوزارة العمال بالإبلاغ الفوري عن أي تأخير في سداد الأجور، عبر نظام الحماية «راتبي»، مؤكدةً أنها تتحقق من صحة الشكوى مع الحفاظ التام على سريتها وسرية البيانات الشخصية للمتقدمين بها.
وقد حُظيتْ هذه الإجراءات وغيرها، حول حماية حقوق العمال في الدولة، بإشادة من «منظمة العمل الدولية» في تقرير أخير لها، جاء فيه أن دولة الإمارات «اتخذت تدابير غير مسبوقة لوقف تفشي جائحة (كوفيد-19)، والتخفيف من تأثيرها الضار على الاقتصاد وسوق العمل». وأشار تقرير المنظمة إلى حُزم التحفيز الاقتصادي التي قدَّمتها حكومة دولة الإمارات بقيمة 126.5 مليار درهم، وإلى تقديم إمارة دبي حزمة تحفيز بقيمة 1.5 مليار درهم. وجدير بالذكر أن إمارة دبي قدمت حزم تحفيز تالية تبلغ 4.8 مليار درهم، كما أن إمارة أبوظبي قدَّمت حزم تحفيز بقيمة 8 مليارات درهم. 
وأوضح التقرير أن هذه الحزم تضمّنت مخصصات لميزانيات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإعفاءً من رسوم مستحقة على الشركات والأفراد، وتيسير الحركة الداخلية لتصاريح العمل، وتقليل تكاليف التوظيف لدى أصحاب العمل.. الأمر الذي ساعد على تقليص الآثار السلبية على الاقتصاد عموماً، وعلى الشركات التي أصبح بإمكانها أن تواجه تداعيات الجائحة، وتؤدي حقوق العمال التي يحميها القانون بكل حزم.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية