في خطوة تعزز مسيرة البحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أول أمس الثلاثاء، «مركز محمد بن راشد للأبحاث الطبية»، الذي يمثل «أول مركز أبحاث طبية حيوية مستقل في الدولة»، وبذلك يُضاف صرح بحثي جديد في المجال الطبي، إلى قائمة من المراكز والمؤسسات البحثية في الدولة، بما يؤسس لشبكة علمية ممتدة ومتينة، تستمد زخماً من الصِّلات الوثيقة فيما بينها، وتبادل الخبرات والتجارب والاستفادة منها، إضافة إلى الاستفادة من نهضة عامة ونشاط ملموس في الدولة، فيما يخص البحوث في حقول العلوم التطبيقية المختلفة.
ولا يغيب عن المشهد، إدراك دولة الإمارات أنها جزء من المجتمع العلمي العالمي، وأن كل إنجاز علمي في إحدى دول العالم، إنما يخدم في نهاية المطاف الإنسانية بأسرها، وهو ما عبَّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بقوله: إن المركز الجديد «سيكون إضافة تدعم شبكة المراكز البحثية الطبية العالمية.. فهو جزء من مساهمة دولة الإمارات في مجال الأبحاث الطبية الحيوية في العالم.. ونتائجه ستكون متاحة للمراكز الأخرى»، ويظهر ذلك أيضاً في سعي المركز إلى الاضطلاع بدور في الجهود المبذولة عالمياً، من أجل الوصول إلى لقاحات فعالة ضد الأوبئة والجوائح التي تواجه العالم، وفي إنتاج الأدوية والعلاجات الجديدة، وبذلك تعزز دولة الإمارات مكانتها كمنتِج للعلم والمعرفة، ومساهِم نشط في التقدم العلمي والتقني، الذي يُعدُّ من بين المعايير الرئيسية، التي تُحدد موقع الدولة على خريطة العالم.
وسيعمل «مركز محمد بن راشد للأبحاث الطبية» تحت مظلة «مؤسسة الجليلة»، وهي مؤسسة عالمية غير ربحية تهتم بالأبحاث في المجالات الطبية والتعليم والعلاج، وقد خُصِّصت للمركز الجديد ميزانية تبدأ بـ300 مليون درهم، وهو يهدف إلى تأهيل جيل جديد من الباحثين في المجالين الصحي والطبي، وإعداد بحوث علمية في هذين المجالين تلبي احتياجات مجتمع دولة الإمارات وتستجيب لأولوياته، وتعزيز استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في رصد الأوبئة والجوائح، وإعداد الخطط الاستباقية لمواجهتهما.
وفي الوقت الذي يمكن فيه الربط بين إنشاء المركز الجديد وجائحة «كوفيد-19» وتأثيراتها العالمية، فإن هذه النظرة لن تكون منصفة أو دقيقة، لأن اهتمام الدولة بالبحوث العلمية في القطاع الصحي أقدم من ذلك بكثير، فقد اعتمد مجلس الوزراء في 21 يونيو 2015، «الاستراتيجية الوطنية لإنشاء وتعزيز مراكز للأبحاث والتطوير في القطاع الصحي»، والتي كان من بين أهدافها «إيجاد نظام وطني للأبحاث على مستوى الدولة، وإنشاء مراكز بحثية صحية، تهدف إلى تطوير ودعم ونشر الأبحاث العلمية المحايدة واللازمة، لفهم واستيعاب المشكلات الصحية في مجتمع الإمارات». 
وسرعان ما آتى هذا التوجه أُكله، فقد ذكرت وزارة الصحة ووقاية والمجتمع، في دراسة نُشرت نتائجها في 9 أبريل 2020، أن عدد الأبحاث الطبية بالدولة، ارتفع من 678 بحثاً في عام 2014 إلى 1747 بحثاً في عام 2018، ليبلغ مجموع الأبحاث في خمسة أعوام نحو 5914 بحثاً، ركزت على أمراض منتشرة في الدولة، كالسكري والسمنة والأوعية القلبية والسرطان، كذلك ظهرت مؤسسات بحثية حكومية وخاصة، منها: مجمع دبي للعلوم، وقسم البحوث الطبية في دائرة الصحة- أبوظبي، ومركز أبوظبي للخلايا الجذعية، ومركز زايد بن سلطان آل نهيان للعلوم الصحية التابع لجامعة الإمارات، ومركز أبحاث الصحة العامة بجامعة نيويورك -أبوظبي، ومعهد البحوث للطب والعلوم الصحية في الشارقة.
وأخيراً، فإن انطلاق «مركز محمد بن راشد للأبحاث الطبية»، الذي ستتبعه خطوات أخرى على الطريق نفسه، إنما يعزز ويؤكد المكانة التي وصلت إليها دولة الإمارات، بوصفها المنصة الأهم للبحث العلمي في المنطقة، وأحد أهم صنّاع المعرفة فيها.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.