لا نسمع أخباراً سارة كثيرة من الشرق الأوسط، وخاصة خلال الآونة الأخيرة، وسط مشاعر اليأس السائدة، على خلفية انفجار بيروت، والنزاعات الإقليمية، وخسائر كوفيد- 19. ولكن يوم الخميس الماضي، كان هناك تطور يبعث على الأمل، ألا وهو: إعلان الرئيس دونالد ترامب عن اتفاق سلام تاريخي، سيؤسس العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. 
الآن، الإسرائيليون سيستطيعون السفر بشكل مباشر إلى الإمارات، باستخدام جوازات سفرهم الإسرائيلية. ومكتب التنسيق الدبلوماسي الإسرائيلي غير الرسمي لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في الإمارات سيعوّض بسفارة. 
ولكن لماذا الآن؟ من الواضح أن هذه كانت الطريقة الوحيدة لوقف ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية التي خصصتها لها خطة ترامب. قد يبدو هذا الأمر مفاجئاً، نظراً لأن الإمارات لم تكن على الخط الأمامي لدبلوماسية صنع السلام، ولم تكن لها علاقة جيدة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ومع ذلك، ولأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقادة الإمارات يعتقدون أن من شأن الضم الإسرائيلي أن يقضي على إمكانية تفعيل حل الدولتين، وهم مدركون أن من شأن معاهدة السلام أن تحافظ على خيار حل الدولتين قائماً (حتى وإن لم يحدث في المستقبل القريب) ومنع إيران (وربما تركيا أيضاً) من استغلال مشاعر الغضب التي من المرجح أن تترتب عن ذاك الضم، خدمةً لأهدافهما في المنطقة. 
الإمارات اتصلت بإدارة ترامب، وعرضت عليها سلاماً رسمياً مع إسرائيل، مقابل الامتناع عن الضم. 
معادلة تخفيف متطلبات التفوق العسكري عندما يعقد بلد السلام مع إسرائيل، ستُطبق الآن من جديد مع الإمارات. وتتمثل الفكرة في تعزيز الرسالة التي مفادها أن السلام مع إسرائيل يؤدي إلى فوائد اقتصادية وأمنية على المدى الطويل، حتى وإن كان ذلك يعرّضهم لتهديدات من أطراف إقليمية، ومن الإسلاميين المتشددين، على المدى القصير. وبالطبع، فإن ميل الولايات المتحدة إلى تقليل حضورها في الشرق الأوسط، ربما لعب دوراً في قرار الإمارات، وخاصة إذا كانت الإمارات تعتقد أنها يجب أن تصبح أكثر قدرة على الدفاع عن نفسها. 
ولكن، هل كان الدخول في علاقات مع الإمارات كافياً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمنعه من المضي قدماً في الضم؟ ربما، ولكن ينبغي أن الانتباه إلى أنه قال مؤخراً: «إن موضوع تطبيق السيادة، أو قرار (الضم) يوجد في واشنطن». وقد كانت هذه طريقته ليقول لقاعدته «اليمينية» إنه لا يستطيع المضي قدماً في الضم إذا قالت إدارة ترامب لا. القيادة الإماراتية فهمت ذلك أيضاً، وتحركت لتمنح الإدارة الأميركية سبباً لقول لا. وبالفعل، سمح قادة الإمارات الآن للإدارة الأميركية بالتباهي بأن سياساتها تخدم السلام بين الإسرائيليين والعرب وتدعمه.
وبالنسبة للفلسطينيين، فإن العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، ينبغي أن تبعث أيضاً بإشارة لهم، مفادها أن الآخرين لن ينتظروهم. فالتركيز فقط على شكاواهم وروايتهم وموقفهم، المتمثل في عدم بدء أو تقديم مقترحات مضادة للمفاوضات، سيستمر في إضعاف موقفهم. وبالنظر إلى كوفيد- 19 وما تسبب فيه من أضرار وخسائر متواصلة، فإن الرغبة في الاستفادة من العمل مع الإسرائيليين في نطاق واسع من الاحتياجات، مثل الرعاية الصحية والتكنولوجيا والوصول للمياه والأمن السيبراني، ستزداد أكثر.
المعاهدة بين الإمارات وإسرائيل تمثّل مساهمة مهمة في بناء السلام بين العرب والإسرائيليين. ذلك أنه أوقف الضمَّ الإسرائيلي لأراضٍ بالضفة، الذي كان سينهي الأمل في «حل دولتين» على الأرجح. كما مثّل بداية مرحلة جديدة لأنه يقول: «كفى تقليداً وعادات وعداءً مستحكماً. سوف نصنع السلام لأنه يخدم مصالحنا، وللآخرين أن يختاروا قبوله أو رفضه». والواقع أن الدول العربية تستطيع البناء على هذا الاتفاق ودعم الفلسطينيين، عبر التأكيد على أنها ستحذو حذو الإمارات إذا كبحت إسرائيل نشاطها الاستيطاني، ووسّعت الأراضي التي يستطيع فيها الفلسطينيون ممارسة سلطتهم. 
وفي وقت يتميز بطغيان التعصب الحزبي، ينبغي النظر إلى هذا الموضوع تحديداً، كما هو في الواقع: أي باعتباره خطوة إيجابية على نحو غير متوقع!

دينيس روس*
*دبلوماسي أميركي سابق، ومبعوث إدارة بيل كلينتون إلى الشرق الأوسط 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»