عندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في ديسمبر الماضي، أن عام 2020 سيكون «عام الاستعداد للخمسين»، دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام برؤية طموحة تستشرف المستقبل، وترسخ ثقافة التميز، وتعزز قواعد التنافسية على مختلف الصُّعد عالمياً. وما أن أعلنت منظمة الصحة العالمية، في مارس الماضي، اعتبار فيروس كورونا المستجد جائحة عالمية، حتى كثّفت دولتنا الحبيبة، في سباق مع الزمن، إجراءاتها التي تسهّل تجاوز هذا التحدي الصحي الذي عصف، ولا يزال يعصف، باقتصادات دول العالم في كل القطاعات.
وانسجاماً مع متابعات القيادة الرشيدة الحثيثة لكل ما من شأنه تعزيز النمو والتنمية، وخاصة في هذه المرحلة، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، أثناء الاجتماع الذي ترأسه مع فريق المنظومة الاقتصادية في حكومة دولة الإمارات لمرحلة ما بعد «كوفيد - 19»، والاطلاع على خطة وزارة الاقتصاد لبناء اقتصاد المستقبل في الإمارات بعنوان «خطة اقتصاد الخمسين»: «إن الإمارات قوية باقتصادها، واثقة بقراراتها، مراهنة على أبنائها، مؤمنة بمستقبلها»، مضيفاً سموه: «أولويتنا الرئيسية أن نكون الاقتصاد الأسرع تعافياً عالمياً.. والأكثر استقراراً وتنوعاً على المدى الطويل»، وأننا «نريد اقتصاداً وطنياً تنافسياً.. تكاملياً.. ينفذ أفكاراً استباقية.. ويحقق قفزات نوعية».
كل تلك المفردات المملوءة بالحماسة والثقة، تحمل دلالات ملهمة لا يمكن إلا أن تحظى بكثير من الاهتمام، وخاصة في ظل ما تركز عليه «خطة اقتصاد الخمسين»، التي تندرج تحت مظلة استراتيجية «عام الاستعداد للخمسين»، وتتألف من خمسة محاور رئيسية، هي: الاقتصاد التكاملي، وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والسياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر ومضاعفة الصادرات، واستقطاب واستبقاء المواهب والكفاءات، في تحقيق قفزة نوعية في اقتصاد الدولة الوطني بحلول عام 2030، تسهم في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي وازدهار بيئة الأعمال المحلية، وتفوق الشركات الإماراتية عالمياً، وفق نهج عمل متكامل، تتشارك فيه مؤسسات حكومية عدّة.
لقد اعتمدت دولة الإمارات العديد من المبادرات والاستراتيجيات التي واكبت مرحلة «كوفيد - 19»، وتتهيأ في الوقت نفسه للمرحلة التي تلي الجائحة، وذلك من خلال تعزيز التوجهات والبرامج والخطط التي تسرّع من الوصول إلى اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا الذكية والعلوم المتقدمة، استناداً إلى إشراك المواهب والكفاءات وأصحاب العقول المبتكِرة في تحقيق هذا الهدف، وتطوير خطط ومشاريع تمكّن من استدامة التنمية للأجيال القادمة، وفق أولويات قوامها سرعة التعافي من تداعيات الجائحة، والوصول إلى اقتصاد أكثر تنوعاً واستقراراً، وبناء نموذج اقتصادي أكثر مرونة وتنافسية، وتكثيف جهود التعاون وتعزيز قنوات التواصل والشراكة مع الجهات ذات الصلة في القطاعين الحكومي والخاص، وصياغة بيئة تشريعية ولوجستية متطورة تخدم التطلعات، وتعزز سهولة ممارسة الأعمال، وتدعم الشركات وتستقطب المزيد من المستثمرين.
إن تكثيف القيادة الحكيمة من توجيهاتها، ومنذ مايو الماضي تحديداً، لصياغة «استراتيجية لما بعد كوفيد - 19»، جاء لأجل هدف استراتيجي لا يمكن التخلي عنه، وهو تعزيز تنافسيتها العالمية في المؤشرات كافة، وبناءً على ذلك يجد المتأمل لهذه الاستراتيجية، حجم جاهزية القطاعات الحكومية في رفع مستوى الكفاءة والارتقاء بالأداء في هذه الظروف، ويلحظ نوعية الاستجابة مع التحديات الراهنة والمستقبلية في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد، وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة، بما يحقق توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله الخاصة في نقل «اقتصادنا ومجتمعنا وقطاعاتنا الصحية والتعليمية والخدمية إلى بر الأمان لمرحلة ما بعد كوفيد - 19»، وفق «منظومة عمل مختلفة وآليات تنفيذ جديدة.. تعتمد الجرأة والحسم والسرعة في اتخاذ القرارات».

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.