حين يجري الباحثون تقييماً لنقاط ضعف وهشاشة المجتمعات أمام تغير المناخ، فإنهم يفحصون الأنظمة الفيزيائية والبيولوجية والبشرية. لكن بحثاً جديداً يشير إلى أنه قد يتعين عليهم إلقاء نظرة على الظلم التاريخي أيضاً. وفي بحث نُشر في صحيفة «جلسات أكاديمية العلوم الأميركية»، فحص اثنان من علماء «الآركيولوجيا» المناخ في جزر الكاريبي، وفي جنوب غرب المحيط الهندي، وتوصلوا إلى الوسائل التي تفاقم عبرها تغيير المناخ بسبب الاستعمار، وما تسبب فيه من ظلم. وتواجه جزر الكاريبي بشكل متزايد أعاصير شديدة مدعومة بارتفاع حرارة المحيطات، ويتوقع أن تتفاقم هذه المخاطر، مع ارتفاع حرارة الكوكب، نتيجة النشاط البشري.
لكن الباحثين وجدوا أن الاستعمار أجبر سكان الجزر، على ترك وسائلهم المتوارثة في بناء المنازل القادرة على التكيف مع الطبيعة. فقد كشفت أعمال التنقيب الأثرية في مناطق مختلفة من جزر الكاريبي عن تاريخ لمبان مستديرة لها دعامات غُرست بعمق في الأرض، من أخشاب محلية قوية، وأسقف خفيفة الوزن من النباتات الجافة. لكن بعد استعمار الجزر، هيمن نمط البناء الأوروبي. ومنازل اليوم مصنوعة من الخرسانة، وليس من المواد المتوافرة محلياً، ويمكن أن تغرق بسهولة أثناء الأعاصير. وهذا يجعل من الصعب العيش وإعادة البناء بعد العواصف الاستوائية العاتية.
وبالمثل، استنزف الأوروبيون- بسبب رغبتهم في الحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد من المستعمرات- ثروات غابات مدغشقر وموارد الأرض الأخرى هناك. وحالياً يسكن المنحدرون من نسل السكان الأصليين الأراضي الأفقر، التي تحمل ندوب تجريف التربة وتصحرها وانحسار الغطاء النباتي، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ. وترى «كريستينا دوجلاس»، أستاذ الأنثروبولوجي المساعد في جامعة بنسلفانيا ستيت، التي شاركت في البحث، أن «الظلم البيئي التاريخي أضعف قدرة الناس حقاً على استخدام المعرفة، التي تراكمت لديهم على مدار أجيال، بل وأحياناً على مدار آلاف السنين. البشر والبيئة لا ينفصلان».
وترى «دوجلاس» أنه من خلال بحث الظلم التاريخي وعمليات التكيف، التي تم تجاهلها أو ضياعها أثناء الاستعمار، يستطيع العلماء تطوير تقييمات مناخية أكثر دقة، والبحث عن وسائل أكثر فعالية لتطوير القدرة على التكيف. وأضافت: «يجب أن نستخدم العلوم، ونضمُ هذا إلى معرفة السكان الأصليين، لنتعرف على طريقة تُمكننا من تحسين استراتيجيتنا».
* كاتبة أميركية متخصصة في الشؤون العلمية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»