شكَّلت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً ملهماً في قطاع التعليم خلال فترة جائحة «كورونا»، حيث تمكَّنت المنظومة التعليمية من التفاعل بكفاءة مع التداعيات التي تمخَّضت عنها هذه الأزمة الصحية الطارئة، فأثبتت جاهزيَّتها عبر استمرارية عملية التعليم داخل الدولة، من خلال تنفيذ نظام التعليم عن بُعد بنسبة 100 في المئة. وبالرغم من إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات، فإن رؤية دولة الإمارات، ونهجها الاستباقيَّ الذي اتخذته، جعلا عملية التعليم عن بُعد بديلاً استراتيجياً لمواجهة التغيرات الاستثنائية المترتبة على تفشي الجائحة.
لقد أولت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ تأسيسها، تطوير نظام التعليم اهتماماً واسعاً، انطلاقاً من رؤية المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، باعتبار أن الإنسان المتعلم هو الثروة الحقيقية للوطن وأساس نهضة الأمم، والذي وضع حجر الأساس لبناء خطط وسياسات عالية المستوى للقطاع التعليمي. وقد واصلت قيادتنا الرشيدة مسيرة الاهتمام المكثف بالتعليم، عبر وضع استراتيجيات ومبادرات متنوعة، تتماشى مع الرؤى الوطنية، وهو ما أسهم في إحداث نقلات نوعية متتالية في جودة التعليم. وقد ركزت القيادة الرشيدة على تحقيق تعليم مستدام معزز بالتكنولوجيا، يهدف إلى خلق جيل متمكّن واعٍ بمتطلبات العصر الحالية، يملك المهارات اللازمة لمواكبة التحديات والتغيرات المتجدّدة. 
ويجب التأكيد في هذا السياق على مبدأين أساسيين حكَمَا عملية تطوير مسيرة التعليم في دولة الإمارات، هما ترسيخ مفاهيم التحول الذكي في المنظومة التعليمية، وتعزيز دور التكنولوجيا في التعلُّم، من خلال الانتقال من النمط الاعتيادي في التعليم إلى أنماط جديدة أخرى تتماشى مع ما أنتجته الثورة الصناعية الرابعة، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في التأسيس لنموذج تعليمي راسخ، ومن ثمَّ التأقلم مع الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة «كورونا»، انطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة الثاقبة، التي أعدَّت أجيالاً قادرة على تحدي الصعوبات وتجاوُزها بكل عزيمة وإصرار.
واتساقاً مع المرونة، التي يتميز بها نظامنا التعليمي، اعتمدت دولة الإمارات للعام الدراسي الجديد 2020/2021، الذي سينطلق خلال أيام قليلة، آلية مستحدثة الدوام، تقوم على نموذج التعليم الهجين الذي يدمج ما بين التعليم المباشر في المدرسة بنسبة 70 في المئة، والتعليم عن بعد بنسبة 30 في المئة للمدارس الحكومية، بينما أتاحت للمدارس الخاصة إمكانية اختيار النموذج المناسب لها ولمجتمعها المدرسي، بحيث يضمن سير العملية التعليمية على النحو الأمثل.
ولعل أبرز ما يميز الآلية الجديدة للتعليم، في ظل استمرار الجائحة، هو إعطاء خيارات متعددة لأولياء الأمور، إضافة إلى تنوع الأساليب والنماذج التعليمية ضمن سياسات وإرشادات توجيهية بحسب القدرة الاستيعابية لكل مدرسة، كما قدمت إليهم سيناريوهات مرنة لتوقيت الدوام المدرسي، حيث يتراوح ما بين 5 ساعات و6 ساعات يومياً، بما يلائم حاجات الطلبة. كما حرصت دولة الإمارات على استمرارية التعلم الذكي، وترسيخه عبر التشجيع على استخدام التقنيات الذكية التي تثري ثقافة الطلبة ومعلوماتهم، وتعِدّهم للدراسات العليا واحتياجات سوق العمل في المستقبل. 
وقد أقرَّت الجهات المعنية في دولة الإمارات مجموعة من الإجراءات الاحترازية المهمَّة لوقاية المجتمع المدرسي من احتمالات الإصابة بفيروس «كوفيد-19»، تتضمَّن الخضوع للفحص الطبي قبل السماح للطلبة والكوادر التعليمية بالعودة إلى الدوام المباشر في المدرسة، إضافة إلى ارتداء الكمامات، والحرص بطبيعة الحال على عدم التجمُّع والنظافة الشخصية. 
وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية، التي فرضتها جائحة «كوفيد-19»، فإن العملية التعليمية في دولة الإمارات تمضي بخطى حثيثة وواثقة نحو استكمال خطط التطوير والتغييرات الشاملة لمسارات التعليم، ضمن نسق وطني تشارك فيه مختلف المؤسسات التعليمية، بما يتوافق مع النهج الوطني، والرؤية التعليمية للقيادة الرشيدة، للمضي قدماً في تحقيق تعليم متطور ومستدام، وتعزيز دور التكنولوجيا والتقنيات الذكية في خدمة العملية التعليمية، ما يضمن استخدام أفضل الممارسات التربوية والمناهج التعليمية الحديثة.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.