مقارنة بما هو موجود على مستوى دول العالمين العربي والنامي يمكن القول بثقة بأن المرأة في دولة الإمارات قد حققت لنفسها ولأسرتها ولمجتمعها الكثير من الإنجازات التي تحسدها عليها الأخريات.
وفي هذا السياق تقوم التنظيمات النسوية الرسمية بالفعل نيابة عن جميع النساء، وبالتحدث عنهن في سبيل إبراز ما تم التوصل إليه من حركة تضامن نسائية تخدم قضايا المرأة، انطلاقاً من الاقتناع بأن ذلك يتطلب وعياً نسوياً عالياً يتم تطويره باستمرار، بمعنى وجود إدراك لدى المرأة في جميع شرائح ومستويات التعليم والموقع الاجتماعي بماهية حقوقها وواجباتها، وطبيعة تلك الحقوق والواجبات.
ولأن هذه العملية تكاملية وذات استمرارية، فإن أول عناصر ذلك الوعي، هو الإدراك بأن نساء الإمارات، أياً كان وجودهن الجغرافي ومستواهن التعليمي، وموقعهن الوظيفي والمجتمعي، يتشاركن في تاريخ نسوي واحد مع جميع أخواتهن في البلاد، وفي الرغبة في طرح القضايا النسوية بهدف تحقيق الأهداف المشتركة لهن جميعاً، توخياً للوصول إلى ما هو أفضل دائماً ودون انقطاع لأي سبب كان.
ضمن هذا الحديث، فإن ما أعتقده على المستوى الشخصي فيما يتعلق بوعي المرأة بنوعها كأنثى تختلف عن الرجل في نوعه كذكر ليست هي القضية الأساسية للمرأة، فهذه ُمسلمة لا جدال فيها، وهو ليس بالأمر المشابه لوعي المرأة بسياسات النوع التي تتخذ بحقها، فهاتان قضيتان مختلفتان، لكن يبقى أنّ ما كانت ولا زالت تطالب به الجهات القائمة على تحقيق شؤون المرأة، يدور حول العموميات والتطوير المستمر لجوانب الأمومة والحضانة، بالإضافة إلى التطوير المهني لمهارات المرأة العاملة، وهي قضايا حققت على صعيدها نساء الإمارات أشواطاً بعيدة على الصعد الواقعية والقانونية والممارسات الرسمية والمجتمعية بحيث أصبح الحديث عنها ليس ذا علاقة مباشرة بالحياة اليومية العادية لمعظم نساء الإمارات، فقد تم إنجازه منذ زمن في حين أن المرأة تتطلع إلى الكثير.
ما أريد قوله: إن وجود وعي نسائي شامل يتطلب من المرأة أن ترى ذاتها من حيث كونها كائناً اجتماعياً جماعياً وليس كعضو في فئة اجتماعية معينة، أو كفرد بعيد عن الارتباطات الجوهرية الأخرى، وهذا يتطلب الوعي بتضامن نسائي على مستوى الدولة.
من المهم أن تنظر النساء إلى ذاتهن على أنهن تتشاركن في مصير جماعي مشترك لكي تتشكل لديهن رؤية نسائية واعية قائمة على أسس من تجربتهن الخاصة كإماراتيات - عربيات - مسلمات.
وربما أن أسس التضامن النسائي تكمن في تاريخ المرأة في الإمارات، ففي مجتمعنا القديم الذي كان قائماً على ثالوث إنتاج بحري - زراعي - رعوي، ساعدت الروابط بين نساء تلك الفترة كثيراً على خلق الوسائل التي خدمن من خلالها المجتمع، وعلى تجاوز العوائق التي تحول دون ذلك، ما أدى إلى تحسين أوضاعهن كمكون أصيل من مكونات المجتمع.
لذلك، فإنه في هذه المرحلة من مسيرة الدولة نحو الخمسين عاماً من عمرها المديد لكي يعمل الترابط والتضامن النسوي بفعالية وكفاءة يحتاج إلى صيغ من أطر العمل المتداخل التي يتم من خلالها جلب النساء من مختلف فئات المجتمع في علاقات داعمة وبشكل مشترك بين كافة المؤسسات العاملة على تحقيق نهضة المرأة وتقدمها.
إن روابط الاتصال والتضامن بين النساء عبر الخطوط الاجتماعية والتعليمية والثقافية، هي أمر مهم إذا ما شاءت المرأة تحقيق تقدم وتغيير ذي قيمة في مساراتها نحو تحقيق ذاتها ضمن النهضة المباركة التي تحققها البلاد، وتحقيق مطالبها بأبعادها كافة.
ويعتبر الحوار والاتحاد والتضامن بين النساء من مختلف المستويات الفكرية والثقافية والمجتمعية أمر مهم، لأنه عبره يتم الإدراك والوعي بوجود قضايا تخص المرأة، وتتم مناقشتها بوسائل حضارية وعصرية تؤدي إلى خدمة قضايا المرأة بشكل أفضل.
ومن الواضح أن الحرص على استدامة هذا الوعي هو التحدي الذي يواجه المرأة في الإمارات والمرأة العربية بشكل عام كبير، ويعتبر التضامن النسائي، هو الخطوة الأولى التي يجب أن تقدم عليها المرأة لتحقيق ذاتها وصنع مستقبل أفضل لها ولمجتمعها ووطنها.
*كاتب إماراتي