لطالما سمعنا من الإعلام المعادي للإمارات، خلال الخمسة سنوات الماضية، تساؤلات عدة حول دخول الإمارات في حرب ضد الانقلابيين الحوثيين، وماذا تريد الإمارات من اليمن؟ وأن لها «أطماع» في ثروات اليمن، تسعى للحصول عليها من اليمن، رغم علم الجميع أن هاجس الإمارات والسعودية من اندلاع الفوضى في اليمن، والخطر الإيراني هما الدافع الحقيقي إلى شن تلك الحرب. 

اقتصاد الإمارات متنوع، وجزء من انتعاشها الاقتصادي هو الاقتصاد البحري، والذي يحظى بقدر كبير من الاهتمام، من خلال استثمار الموارد الكامنة والفرص الواعدة في مياه البحار والمحيطات، عبر إدارة الموانئ على مستوى العالم، فشركة موانئ دبي العالمية كمثال واحد، تدير لوحدها نحو 78 ميناء ومحطة في قارات العالم، لذلك فإنه من الطبيعي جداً للإمارات أن تحافظ على أمن وشرايين الملاحة البحرية في مناطق نفوذها، فالإمارات تُعد المركز الملاحي الرئيس الذي يربط الشرق بالغرب، إذاً ليس من المستغرب أن تقوم الإمارات بحماية أهم مناطق نفوذها البحرية، وهي الخليج العربي وبحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر، عبر إدارة الموانئ، أو التواجد الميداني في حالات الضرورة، ولنا من الذكريات ما يكفي من حوادث القرصنة البحرية الصومالية، كما أن التقارب الأميركي الإيراني الإخواني في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، ساهم بشكل كبير في تعزيز شوكة الإرهاب «الحوثي»، والإمارات والسعودية لم تكونا مستعدتين لتقبل فكرة أي تواجد إيراني في منطقة خليج عدن والبحر الأحمر، فمن غير المعقول السماح لها بالسيطرة على مضيق باب المندب، وهي تفرض سيطرتها المسبقة على مضيق هرمز، وتهدد على مدى عقود في أي حدث بإغلاقه.
الفقر يُعد من أكبر المشاكل التي تؤرق العديد من الدول، بل يشكل خطراً يفسد الأخلاق والسلوك، ويساهم في تنامي الإجرام، لا سيما في البلدان التي ينتشر فيها الجهل، وتعيش مجموعة من دول وطننا العربي تحت وطأة الفقر رغم كثرة مواردها البرية والبحرية.
اليمن، كمثال، ينعم بالعديد من المعادن الثمينة، ويمتلك الذهب والفضة، ناهيك عن احتياطيات مهمة من الزنك والرصاص، وغيرها من الثروات الطبيعية، أما موقعه الجغرافي الممتاز في وسط العالم، فلو تم استغلاله بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى بقية الثروات، لكان ذلك كفيلاً بتحقيق الرخاء للشعب اليمني وقلب معادلة الفقر بين أفراده، وهذا ما تسعى الإمارات إلى تحقيقه لهذا البلد الشقيق، فبخلاف افتراضات مصالحنا البحرية، هناك مصالح مشتركة سيحققها اليمن كدولة وكشعب، فاستحداث استثمارات هو السبيل لمحاربة الفقر، وسيؤدي إلى إيجاد آلاف الفرص الوظيفية، بمعنى تأمين احتياجات آلاف الأسر، والتعلم من خبرات الإمارات في العديد من القطاعات الاقتصادية في حد ذاته فرصة للاستفادة من تجاربنا الناجحة، والتي يشهد لها القاصي والداني، فموقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي يخلق الكثير من الاستثمارات، خاصة في مجال الخدمات اللوجستية والمناطق الحرة، وهذا الموقع ببساطة يغري أغلب المستثمرين حول العالم، في حال استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، حيث إن النزاعات المسلحة، والحروب الأهلية، وعدم الاستقرار السياسي، عوامل مهمة في إفقار الدول وعزوف الاستثمارات الخارجية عنها.

النظام الاقتصادي الإماراتي ليبرالي التوجهات، أي أنه لا يسعى مقابل تحقيق مصالح للغير أن يفرض أيديولوجية معينة على الطرف المستفيد، مثلما يفعل الإرهاب «الإخواني» و«الصفوي» مثلاً، بل إن الإمارات تُطبق سياسة «استفيد وأفيد»، لهذا السبب، فإن التواجد الإماراتي لا يُشكل أي تهديد لأشقائه العرب، عكس الفرس والأتراك.
*كاتب إماراتي