تجاوزت أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد – كوفيد 19، على مستوى العالم 26 مليون إصابة، مع ما يناهز 900 ألف حالة وفاة، منذ الإعلان عن تفشي تلك الجائحة في شهر ديسمبر من العام الماضي. ومما لا شك فيه أن حكومات جميع الدول التي تواجه الفيروس، تبذل قصارى جهدها للحد من انتشاره، من خلال العديد من الإجراءات الخاصة بمكافحة الأوبئة المعدية، في إطار استراتيجيات إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والتي تبدأ بتحليل وتقييم المخاطر، ثم وضع الخطط الوطنية الكفيلة بمواجهتها، وتنفيذ برامج التدريب والتمارين للتأكد من سلامة تلك الخطط، من أجل ضمان نجاح وفعالية الاستجابة لمواجهة الجائحة والتقليل، قدر الإمكان، من تداعياتها السلبية، وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني والبنية التحتية من الانهيار والتدهور، بهدف التقليل من زمن التعافي من الأزمة. 
وتلك هي الإجراءات التي طبقتها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بنجاح وتميز وفعالية، منذ الإعلان عن الإصابة الأولى بفيروس كورونا في شهر يناير الماضي، وذلك بفضل السياسة التي وضعتها القيادة منذ إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث عام 2007. 
وأثبتت حكومة الإمارات تميزها الواضح أثناء إدارة أزمة فيروس «كورونا»، وذلك من خلال خطة الاستجابة الوطنية للأوبئة المعدية، التي تقود جهودها وزارة الصحة ووقاية المجتمع، تحت إشراف «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث»، وبالتعاون مع بقية الجهات المعنية في الدولة على المستويات الاتحادية والمحلية والخاصة. ولذلك، فإن نجاح تلك الخطة، يعكس أروع الأمثلة لـ «فن إدارة الأزمات» على المستوى العالمي، من خلال أداء حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، والعمل المشترك على المستوى الاتحادي والمحلي بشكل خاص، لمواجهة تطورات انتشار الفيروس والحد من مخاطره.
والمتتبع للإجراءات الحكومية التي تم تطبيقها بالتدريج منذ تفشي الجائحة، يلاحظ حجم الجهود المبذولة لدعم الاقتصاد الوطني، وضمان استمرارية الأعمال الحكومية، وتوفير السلع الغذائية والعديد من الإجراءات الحيوية الأخرى، ولكن على رأس الأولويات الحكومية، كان نشر الوعي بين أفراد المجتمع حول الإجراءات الاحترازية الضرورية، والتي يجب على الجميع اتباعها، بهدف الحد من انتشار الفيروس. والملاحظ أن حملة نشر الوعي، المنفذة بالعديد من اللغات باستخدام كافة وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة والمقروءة، وعلى شبكة الإنترنت، بجانب الرسائل النصية على الهواتف المحمولة، والإعلانات في الطرق وغيرها، قد ثبت نجاحها وفعاليتها. والدليل كان تناقص أعداد الإصابات بشكل ملحوظ خلال الشهور القليلة الماضية، مما ساهم في عودة الحياة الاقتصادية والتجارية والأعمال الحكومية مرة أخرى على مستوى الإمارات. ولكن ما حدث مؤخراً، من تقصير وإهمال بعض الأفراد في اتباع الإجراءات الاحترازية والتقيد بالتعليمات الرسمية وتجنب إقامة الفعاليات الجماعية والتجمعات الأسرية، أدى إلى زيادة ملحوظة في الإصابات بالفيروس، ما أدى إلى إطلاق جرس الإنذار من الجهات الصحية لكافة شرائح المجتمع، بضرورة مراجعة سلوكياتهم اليومية للوقاية من الإصابة.
ومما لا ريب فيه أن ضمان استمرارية النجاح في مواجهة تفشي الجائحة، والتقليل من تداعياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، يتطلب تعاون كافة شرائح المجتمع، وخاصة في ظل عدم اكتشاف اللقاح المناسب للعلاج من الفيروس. ولذلك، ومع تزايد أعداد الإصابات مؤخراً، نتيجة تجاهل البعض لاتباع إجراءات الوقاية الاحترازية، الأمر الذي يؤثر بالسلب على أفراد المجتمع كافة، ويؤدي إلى تفاقم الإصابات بالفيروس، من الضروري عودة الأفراد للالتزام بتطبيق تلك الإجراءات، والتعاون مع الجهات المعنية؛ الاتحادية والمحلية، من أجل ضمان مجتمع خالٍ من فيروس كورونا.
*باحث إماراتي