في قصيدته «بطل السلام»، يستعيد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التقاليد العربية العريقة التي جعلت من الشعر لساناً للمجتمع، وسجلاً لمفاخره ومناقبه وقيمه الأخلاقية. وسواء كان الشعر فصيحاً أو نبطياً، فإن القصيدة تخاطب الوجدان العربي والخليجي باللغة التي تأسره، بحكم ارتباطها بالهوية وطبيعة الشخصية الخليجية، والمكانة التي يحظى بها تراث الآباء، والاعتزاز بما خلّفوه من موروث يجمع بين الجمال والحكمة، وتنتقل عبره القيم والأفكار من جيل إلى جيل.
كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، قصيدته إلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، انطلاقاً من تقليد عربي أصيل اعتاد أن يخصّ بالتكريم والتبجيل القامات الشامخة وأصحاب الهمم العالية. وقليلون من القادة في التاريخ الإنساني هم من يضاهون صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، طيبَ أصلٍ، وشجاعةً، وكرماً، وحزماً، وهيبةً، وتواضعاً، ومضاءَ عزيمةٍ، وصفاءَ بصيرة، وقدرةً على وضع الأمور في مواضعها.
قصيدة «بطل السلام» هي لفتة إكبار ومحبة من قائد إلى قائد، وليس أقدر من الكبار على تقدير الكبار. وإذا كانت القصيدة حافلة بمواطن الجمال والاقتدار اللغوي والأدبي، فإنها وبالقدر نفسه، تركز على معانٍ ومضامين ضرورية في منعطف تاريخي دقيق، وتبعث برسائل يُراد لها أن تكون واضحة في هذا الوقت بالذات. ولطالما كانت المضامين السياسية والاجتماعية حاضرة في الشعر العربي عبر العصور، بحكم قدرته على إكساب هذه المضامين ثراءً وتأثيراً، وقدرة أكبر على الانتشار والوصول إلى الجمهور، ونفاذاً أيسر إلى العقول والقلوب.
رسالة القصيدة هي «البيت متوحد»، عرين الأسود، الوطيد البنيان، الثابت الأركان، الذي يقف كل من فيه بصلابة خلف قائد كريم المحتد، ورث من المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مكارمه كلها، حكمةً وعزيمة وكرماً وخيراً يفيض أينما يسير. وأكدت القصيدة أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، امتلك مكانته في قلوب أبنائه وشعبه، بفضل قدراته السياسية الفذة التي مكنته دائماً من اتخاذ القرارات الأكثر صواباً، مهما اختلطت الأمور وتداخلت في منطقة حافلة بالاضطراب وتضارب المصالح. فلم تكن الثقة المطلقة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلا نتيجة قدرة سياساته، وقراراته على إثبات أنها الأفضل، ومحصلة للمكانة التي تحتلها الآن دولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة والعالم، وهو ما عبرت عنه القصيدة بوصف هذه السياسات بأنها «ظَهَر الصَوَابُ بَِها وَبَانَ الَمْنْطِقُ».
تؤكد القصيدة أن السلام هو خيار أبناء الإمارات جميعاً. وفي تواضع الكبار يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «يا قَائِداً في كُلِّ ما يَدْعُو نُطِيعُ ونَصْدُق»، لينقل هذا التعبير بدقته وجماله معنى مهماً، فليست الطاعة هي مجرد الانصياع أو القبول، بل إنها مقترنة بالاقتناع الصادق إزاء كل ما يشير به القائد، وما يتخذ من قرارات.
وفي إشارة لها معناها، من رجل يملك ناصية الفكر واللغة معاً، ومسيرة ملهمة حافلة بالإنجاز في مجال القيادة السياسية، يتحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن «الجُنودِ الذّائِدِين عن الحِمَى»، المستعدين لمواجهة أصعب المواقف، وتقديم دمائهم فداءً لوطنهم واستدامة عزه وفخره. وهي رسالة مهمة موجهة إلى من يطلقون تهديدات جوفاء لا تضر سواهم، لأن جهلهم وعقولهم المغلقة يمنعانهم رؤية ما ينطوي عليه خيار السلام من خير لكل الأطراف، ومن إنهاءٍ لمآسٍ موجعة ترتبت على صراعٍ يحتاج إلى شجاعة لوضعه على طريق الحل، وبدء عصر جديد تتراجع فيه نزعات الكراهية والعنف لتحل محلها قيم التفاهم والتعايش والسلام.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.